كيف تتعامل مع ابنك العنيد؟
أؤمن بأن نعمة الحرية لا تضاهيها نعمة؛ فبها توصَّلتُ إلى أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعبده دون وسيط أو كهنوت، فرغبتُ في اتباع منهجه فارتحت سواء في السراء أو في الضراء، فالحمد لله الحمد لله. لكنني أتساءل عندما أرى البعض يسلمون عقولهم لغيرهم، ولا يمارسون حق الاعتراض على ما يسوءهم، ولا يراجعون من يخطئ حتى ولو كانوا من أصحاب المناصب أو كبار السن!
كيف يُسلَب الإنسان حريته؟
إنني أرى أن مرجع هذا إلى الطفولة؛ فمنذ مولد الطفل يعتبرُه والداه قطعة من الطين الصلصال التي من شأنها أن تتشكل وفق رغباتهما، ويغفلان عن كونه نفسًا بشرية مثلَهما تمامًا، لها كبرياؤها وكرامتها، فعندما يعتدُّ الطفل بنفسه يصفانه بالعنيد المزعج الذي لا يسمع الكلام؛ فيُصرَّان على إملاء أوامرهما عليه، ويسخطان عليه لو خالفهما، وينتهي الأمر في الغالب بكسر شوكة الطفل وسلبه التدبر، ومن ثم الإذعان للأوامر وعدم استشعاره المسئولية؛ فتلازمه هذه الصفات إلى أن يصبح راشدًا ينطوي على شخصية لها طابع سلبي تصير عالة على الأسرة ومن ثم المجتمع.
فلو احترمت الأم رغبة الطفل في عدم ارتدائه ملابس ثقيلة لكونه لا يحس بالبرد، فأخبرته بأنها ستحمل له المعطف ليرتديه إذا شعر بالبرد؛ فلسوف تجعل منه شخصًا مسئولًا عن نفسه، ومن ثم يُعتمد عليه عندما يكبر. ولو أنها خيَّرته فيما عساه أن يرتدي لاستشعر إرادته وامتلأت نفسه شعورًا بذاته، وراح يبتعد عن العناد الذي من دواعيه إثبات الذات.
ولو أن الأب والأم وفَّرا مساحة من الاستقلالية للطفل بألا يتدخلا في كل صغيرة وكبيرة في حياته ويقيِّداهُ بالأوامر لما وجد في العناد ملجأً. ولو أنهما استخدما أسلوب الطلب بدلًا من فرض الأمر كأن يقولا له: «من فضلك ناولني الكوب» بدلًا من «هات الكوب» فسوف يعتدُّ الطفل بنفسه وبأنه شخص متعاون ولا يتخذ من العناد ملاذًا لإثبات الذات.
ولو علم الآباء والأمهات أنهم هم الخاسرون إذا دخلوا في عناد مع الأبناء لتجنَّبوا الدخول في هذا التحدي؛ بالاستماع إلى الطفل ومعرفة تبريره لرفضه الطلب. ولو أنهم علموا أن إشعارهم أطفالهم بكونهم عنيدين بالنسبة لأقرانهم سيرفع ذلك من سقف العناد لديهم، فأحرى بهم إذن إيمانهم باستقلال كل طفل بشخصيته وكونه ذا إرادة مستقلة.
وأخيرًا، لا يسعني إلا أن أوصي كل أب وأم بأن يترفق بابنه لو أنه كان عنيدًا، وليتعرف أسباب عناده التي قد يكون من بينها رفضه اللهجة القاسية والعنف أثناء الحوار معه وتقبله الأسلوب الهادئ المقنع والمفعم بالحب، وقد يكون السبب نفسيًّا كتأخر النطق، أو قلة الذكاء، أو تشتُّت الانتباه، أو الحركة المفرطة؛ وعندها يتوجب عليك الاستعانة باختصاصي نفسي، فقد يكون العناد ناتجًا عن إصرار الوالدين على تنفيذ أوامرهما دون مراعاة لتوجُّه الابن. وإن من شأن قمع الطفل وعدم إعطائه مساحة للتعبير عما بداخله وإثبات ذاته من خلال الحوار والنقاش والاستماع إليه أن ينمي لديه طبيعة العند.
وأودُّ أن أقول إنك عندما تتصور أن طفلك أقل من أن يتمتع بنفس بشرية لها كيانها وكبرياؤها وحريتها فسوف يرى نفسه كذلك طيلة عمره؛ لذا يتوجب عليك أن تتفهمه وتُقوِّمه دون أن تكسره؛ حتى تراه شخصًا حرًّا ليس بإمَّعة، مقدامًا، وصاحب رأي يعتدُّ به، وشخصًا مسئولًا يُعتمد عليه؛ عندها فقط ستلمس أن ابنك مشروعك الناجح بحق.
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/how-do-you-deal-with-your-introverted-child-2/
https://asmaanawar.com/how-do-you-deal-with-your-introverted-child/
https://asmaanawar.com/words-effect-on-brain/
https://asmaanawar.com/how-do-you-make-your-son-a-genius/
https://asmaanawar.com/how-do-you-make-your-son-insist-on-success/
https://asmaanawar.com/how-do-you-praise-your-son-properly/
https://asmaanawar.com/the_effect_of_stress_on_children/
https://asmaanawar.com/at-is-the-necessity-of-cyber-security-for-your-son/