ويمضي العلامة الموسوي في النكير على فكرة الرجعة قائلًا: وهذه البدعة تختلف عن البدع الأخرى التي أضيفت إلى أفكار الشيعة حيث لم يترتب عليها تنظيم سياسي عملي أو اجتماعي أو اقتصادي، اللهم إلا شيء واحد قد يكون هو السبب في اختلاق فكرة الرجعة، وهو استكمال العداء وتمزيق الصف الإسلامي بمثل هذه الخزعبلات التي دونت وقيلت في انتقام الأئمة من صحابة رسول الله ﷺ.
ويقول الدكتور الموسوي: إنه فى الوقت الذي أصبحت فيه الحرية الفكرية والكلامية بخيرها وشرها حقًّا مقدسًا، يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته مغلقًا على نفسه بالتقية، يُظهر شيئًا ويُبطن شيئًا آخر، فلا أعتقد - والكلام للدكتور الموسوى - أنه يوجد زعيم شيعي واحد في شرق الأرض وغربها يستطيع أن يعلن رأيه في كثير من البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي خوفًا ورهبة من الجماهير الشيعية التي دربتها تلك الزعامات على العمل بتلك البدع فأصبحت جزءًا من كيانها. ويضرب الدكتور الموسوي مثلًا بالشهادة الثالثة، وهي: (أشهد أن عليًّا ولي الله) التي يتفق عليها علماء المذهب الشيعى بأنها بدعة لم تكن معروفة على عهد الرسول ﷺ وحتى عهد الإمام علي، ومع ذلك فلا يجرؤ واحد منهم على أن يقرر أنها بدعة.
وعلى هذا الأساس تختلف الشيعة الإمامية عن سائر الفرق الإسلامية بالاعتقاد في الأئمة الاثنى عشر، وهم يرون هذا الركن جوهريًّا في العقيدة، وأن الله يختار الإمام بسابق علمه كما يختار النبي، فالإمامة إذن منصب إلهي، كذلك يرون أن الله سبحانه وتعالى لا يخلي الأرض من حجة على العباد من نبي أو وصي ظاهر مشهور أو غائب مستور، ويروون الأحاديث الكثيرة التي يذهبون من خلالها إلى أن النبي أوصى عليًّا، وأن عليًّا أوصى ولده الحسن، وأن الحسن أوصى الحسين، وهكذا حتى الإمام الثاني عشر محمد القائم بالحجة، ولذلك فإنهم لا يزالون ينتظرون هذا الإمام الثاني عشر المستور، لكي يظهر في أي وقت حتى يملأ الأرض عدلًا.
لاشك أن مثل هذه الترهات قد أساءت إلى آل البيت وأساءت إلى الشيعة أنفسهم، أليس من المضحك أن يظن بعض الشيعة أن عليًّا لا يزال يعيش في السحاب، فإذا أطلت سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن؟ وكان هؤلاء السحابيون يعرفون بالمنصورية، نسبة إلى رئيسهم أبي منصور الكسف، الذي سمي بذلك لأنه كان يتأول في قوله تعالى: (وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطَا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرَّكُومٌ) فالكسف عندهم هو علىًّ، وهو في السحاب.
الشيعة ما نشأتها وماهيتها؟ إذا قلنا شيعة فلان كان القصد من ذلك أعوانه وأنصاره، والمشايعة الموافقة والمناصرة، ولذلك عندما مات عثمان، انقسم المسلمون إلى حزبين، الحزب الأكبر وقد سمى «شيعة» عليّ، والحزب الأقل وقد سُمي شيعة معاوية، ثم ما لبث اللفظ بمرور الأيام أن اتخذ معنى محددًا، وهو أنصار عليّ بن أبي طالب، وأبناؤه وأحفاده […]
وقد دخل مذهب الإباضية إلى إفريقية في النصف الأول من القرن الثاني، وانتشر بين البربر انتشار النار في الهشيم حتى أصبح مذهبهم الرسمي. وقد حكم الإباضيون في شمال إفريقية حكمًا متصلًا مستقلًا استمر زهاء مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون. وإذا كان الإباضيون أصحاب أمجاد في الماضي فإنهم ما يزالون كذلك في عصرنا الحاضر، فهم الذين يخوضون الحرب الباسلة في عمان ضد الإنجليز، لا يكل لهم عزم ولا يفت في عضدهم إرهاب، وجماعة منهم يسكنون تونس والجزائر.
إن مذهب الخوارج كان فكرة سياسية خالصة، فقد كانوا يرون أن الخلافة لا ينبغي أن تنحصر في قوم بعينهم، بل إن كل مسلم صالح للخلافة مادام قد توافرت فيه شروطها من إيمان وعلم واستقامة، على شريطة أن يبايع بها، ولا بأس بعد ذلك في أن يكون من الفرس، أو الترك، أو الحبش، فالمعنى العصبي الأرستقراطي بعيد عن تفكيرهم، بل عدو لمنهجهم ومسلكهم، واقتصار الخلافة على جنس بعينه - كالجنس العربي - أمر يحاربونه كل المحاربة.
لقد نشط الخوارج في رحاب الدولة الإسلامية يدعون إلى فكرتهم بالعنف والشدة وسفك الدماء، ونحن نعتقد أن سفك الدماء لم يكن طبيعة فيهم أجمعين، بل إنهم يختلفون لينًا وعنفًا حسب الفرق التي ينتسبون إليها، ولعل أشدهم إقبالًا على الدماء فرقة «الأزارقة» التي كان يتزعمها نافع بن الأزرق، وكان نافع هذا عنيفًا عنيدًا، سفّاكا للدماء، يقتل النساء والأطفال على حد سواء، ويستحل الأموال، ويقطع الطريق. ولكن في الوقت الذي نجد فيه الأزارقة يسلكون هذا المسلك الدامي الخشن نجد زعيماً آخر لفرقة أخرى هو نجدة بن عامر الحنفي زعيم فرقة «النجدات» يستنكر أعمال ابن الأزرق، ويحمل على تصرفاته، ويكتب إليه ناصحًا منذرًا، ولكن نافع بن الأزرق يرد عليه مسفهًا رأيه، معللاً تصرفاته الشاذة، ومن الغريب أن كلاً من «نافع» و«نجدة» كان يلقب بين قومه بلقب أمير المؤمنين، بل إن كل زعيم فريق من فرق الخوارج - وما أكثرهم - كان يلقب بأمير المؤمنين.
لقد أخذ الإسلام بيد المرأة وكرّمها وزكاها، ومنحها كل ما هي أهل له كنصف للبشرية، وكأم وأخت وزوجة وابنة، فإذا حدثت بعد ذلك نكسة فليس الإسلام هو الذي نكسها، ولكن الأوضاع الاجتماعية والانفلات عن الجادة واستحداث التقاليد من رجعية جامدة أو انطلاقية منحرفة كل ذلك - وليس الإسلام - مسئول عن الردة وملوم على النكسة.
القوة الرحيمة في الإسلام: الطابع العام للشريعة اليهودية يميل إلى القوة والعنف، والطابع العام للمسيحية ينحصر في الرحمة والسلام، ولما كانت الحياة لا تنتظم إلا بالطرفين من كل شيء، فقد جاء الإسلام يمجد القوة حيث ينبغي أن تكون القوة، ويمجد الرحمة حيث ينبغي أن تكون الرحمة، ولذلك فإن الله - تعالى - يصف ذاته بالقوة […]
الإسلام دين الفطرة الإسلام دين الفطرة دون منازع، أى أنه الدين الذي يتلاءم كل الملائمة مع الخليقة، ومن هنا صح لنا ولغيرنا أن نسميه دين البشرية، وما كان الإسلام ليسمى دين البشرية اعتباطًا أو تحمسًا، ولكن ما جاء به هذا الدين من دستور يقبله العقل، وهداية يستنير بها القلب، وعمق يرتكز عليه الإيمان، وتطور […]
التربية الحزبية مقابل التربية الاجتماعية: بقلم: دكتور/ عبدالله النفيسي - أستاذ العلوم السياسية من الملاحظ أن مناهج التكوين الأيديولوجي والتربوي في معظم (تنظيمات) الحركة الإسلامية لا تعني بالتربية الاجتماعية قدر عنايتها بالتربية الحزبية. نقصد أن المناهج التربوية في معظم (تنظيمات) الحركة الإسلامية تركز على تربية وتنشئة (العنصر الحزب( المنتمي والمطيع والمنفذ والموالي ولاء […]