هل يتحدث ابنك إلى نفسه؟
لكم سعدت عندما سألت "محمد" ابن أخي ابن السادسة عن أخيه التوءم الذي غاب عن عيني قليلًا من الوقت وقد تركته أمه مع إخوته تحت رعايتي ريثما تقضي مهمة طارئة خارج المنزل فقلت له: "فين علي؟" فرد عليّ بما أثلج صدري وأذهب انزعاجي من ضوضائهم فقال: "علي قاعد جوه بيتخيل مع نفسه" ففرحت لأنني علمت أن تحدُّث الطفل إلى نفسه شيء جِد مفيد.
ورد في كتاب "30 مليون كلمة" – الذي ترجمته مؤخرًا – أنه غالبًا ما يتحدث الأطفال من سن الثانية حتى السابعة إلى أنفسهم على الرغم من عدم وجود أحد معهم وهو الشيء البالغ الأهمية. فقد تبين أن تحدُّث الأطفال إلى أنفسهم أداة عقلية أساسية لتنظيم أنفسهم الذاتي.
وقد تبين بالبحث والاستقصاء أن حديث الطفل الخاص في مرحلة ما قبل المدرسة ينبئ عن المزيد من المهارات الاجتماعية وقليل من المشكلات السلوكية.
وقد اتضح أن الأطفال الذين حظوا بتقييم عالٍ في التنظيم الذاتي يتحدثون إلى أنفسهم لبعض الوقت. والعكس صحيح كذلك. فالأطفال الذين يفتقرون إلى الحديث مع النفس يفتقرون أيضًا إلى ضبط النفس والمهارات الاجتماعية.
وفي خطوة نحو اختبار فاعلية برنامج لتحسين التنظيم الذاتي والوظائف التنفيذية لدى الأطفال أجرى كلٌّ من البروفيسور كلانسي بلاير (Clancy Blair) والبروفيسورة سيبيل رافير (Cybele Raver) بجامعة نيويورك دراسة دقيقة مُحكمة لبرنامج أدوات العقل "the Tools of the Mind Program".
فقد أوضح بحثهما التاريخي، الذي شمل تسعًا وعشرين مدرسة و759 حضانة للأطفال، الآثار الإيجابية على الوظائف التنفيذية وقدرات التفكير والتحكم في الانتباه ومستويات هرمون الكورتيزول اللعابي، وهو المؤشر الهرموني للكروب والضغوط.
كما أظهرت نتائجهما تحسينات في القراءة والمعجم اللغوي والرياضيات وقد زادت في الصف الأول.
كما أوضح بحث كل من البروفيسورة جرازينا كوشانسكا (Grazyna Kochanska) والبروفيسورة نزان أكسان (Nazan Aksan) وغيرهما أن التنظيم الذاتي لدى الأطفال يُعزَّز عندما يدعم الوالدان تحكم أبنائهما في سلوكياتهم؛ إذ يفسرون أسباب القواعد، وعندما يقدمون أسبابًا غير عاطفية أو انفعالية للانضباط. وأقرب ما يكون هؤلاء الأطفال إلى إمعان الفكر في المشكلات دون أن يبدوا رد فعل في الحال.
والفكرة ها هنا هي أن هؤلاء الأطفال يستوعبون أساليب آبائهم في إدارة الأمور على أنها "كلامهم الخاص"، وتصبح هذه الأساليب أساس سلوكهم.
والوجه الآخر من عُملة الانضباط هو التأثير السلبي للآباء المتسلطين. فالآباء الذين يمارسون الضغوط والسلطة لكبح سلوكيات أبنائهم قد يحظون بطاعة قصيرة المدى، ولكنهم يمهدون على المدى البعيد الطريق لمستوًى متدنٍّ من التنظيم الذاتي والوظائف التنفيذية، الأمر الذي ينتج عنه أشخاص لديهم مشكلات خطيرة في التحكم بالنفس.
وأخيرًا، أود أن أقول لكل أم ولكل أب إذا أردت أن يكون ابنك متحكمًا في نفسه فدعه يرى منك أسلوبًا بناءً في إدارة الأمور حتى يحاكيَها عندما يتحدث إلى نفسه ومن ثم سيكون أساس سلوكه فيصير قويًّا متحكمًا في نفسه ويسيطر عليها عند الغضب وعندها فقط سيكون ابنك مشروعك الناجح.
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/words-effect-on-brain/
https://asmaanawar.com/how-do-you-make-your-son-a-genius/
https://asmaanawar.com/how-do-you-make-your-son-insist-on-success/