قلم يقرأ على الماشي (16)
يوم عرفة يوم مشهود؛ إذ تشهد الملائكة هذا اليوم، ويشهد النَّاس فيه الحجَّ ومناسكه، وما فيه من خيراتٍ وبركاتٍ تتنزَّل على أهل الموقف في عرفات، وعلى المسلمين جميعهم ممَّن يتعرَّض لبركات الله -تعالى- في ذلك اليوم.
عرفة هو اليوم الذي أتمَّ الله -تعالى- فيه الدِّين وأكمل النِّعمة؛ لقول عُمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- للرَّجل غير المسلم الذي أخبره عن آية في القُرآن؛ أنَّها لو نزلت على قومه لأتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم. قال عمر -رضي الله عنه-: (وَأَيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}، فَقالَ عُمَرُ: إنِّي لأَعْلَمُ اليومَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكانَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بعَرَفَاتٍ في يَومِ جُمُعَةٍ).
جاء في فضل دُعاء يوم عرفة حديث النبيِّ -عليه الصَّلاة والسلام- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ)، وهو عامٌّ لجميع النَّاس؛ سواءً أكان حاجاً أو غير حاجٍّ.
يوم عرفة يكفِّر صيامه سنتين من الذُّنوب؛ لقول النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- عندما سُئل عن صيام يوم عرفة: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).
يعتق الله -تعالى- عباده من النَّار في يوم عرفة؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ).
كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يبدأ يومه بدُعاء الله -تعالى- بتوفيقه للطاعة والعبادة، وممَّا قد يدعو المسلم به: "اللهم إني أسألك التوفيق في الخير، يا رب لا تجعلني بذنبي شقياً ولا محروماً"، وغيرها من الأدعية التي تُعين العبد على الطاعة، ويعترف فيها بتقصيره وضعفه.
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على الدعاء في يوم عرفة في الحديث الذي يرويه جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن حج النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- حتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حتَّى غَابَ القُرْصُ...). فمن حرصه -صلى الله عليه وسلم- على الدعاء في يوم عرفة أنّه قصر في خطبة عرفات، وجمعه بين صلاة الظهر والعصر، ووقوفه للدعاء حتى غروب الشمس؛ حتى أنّه كان يمسك خطام ناقته بإحدى يديه، ويرفع الأخرى للدعاء بها.
من أفضل الأدعية التي يدعو بها المسلم في يوم عرفة: "لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ".
لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.)
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/labbaika-allahumma-labbaik/