فبراير 28, 2023

|

بواسطة: asmaa

|

Categories: مكعبات أسماء

عن الموقع - رحلة إلى موقعي

أسماء راغب نوار | عن الموقع - رحلة إلى موقعي

 فاجأني زميلي في العمل مدير التسويق الإلكتروني للشركة التي كنت أعمل بها منذ ما يقرب من خمس سنوات بتشريفه إيايَ في مكتبي ليُهنأني خصيصًا على مقال "معشوقتي اللغة العربية" بعدما قرأه، وقد أبدى إعجابه الشديد به وأردف ثناءه بتشجيعه إياي على إنشاءِ مدونتى الخاصةَ قائلًا: "عقبال لما نهنيكِ على المدونة"، تعجبت وقلت له: "ومن أنا حتى أُنشئَ مدونةً؟!" رد عليّ بنبرة تحفيزية واضحة: "فكري في الأمر بجدية"، وما كان مني سوى الردِ بـ "حاضر".

هُرعت بعد أكثر من أسبوعين من حديثي معه إلى مكتبه مستغيثة بخبرته في تفسير رد "مدونات الجزيرة" علىّ عندما أرسلت مقالي: "المجتمع في الميكروباص" فقد كان ردهم: "نرجو إطالة المقال ليصبح 500 كلمةٍ على الأقل بدلًا من 297 كلمةً"، ولم أكن تعرفت إلى جريدة العربي الجديد وقتئذ والتي نشرت لي مقال "شعبية الصدق" بسيرته الأولى حين لم يتجاوز  (148كلمة) قبل طلب مدونات الجزيرة إطالته وقد كان ذلك ممكنًا، فقد أغاظني هذا الردُ واستنكرته على موقع يتميز بمهنية عالية، فأنا حريصة على تركيز عباراتي وتكثيفها بعد تفكير طويل ليتبين الهدفُ مما أكتب بكل وضوح وبأسرع طريقة وأرى أن في الإطالة – في غير موضعها- إطنابًا قد يُهلهل تماسك الفِكرة، فكيف لمدونات الجزيرة أن تقيس الفِكر بالشبر؟!

 امتص زميلي غضبي مشكورًا بابتسامة خبير تَنم عن استيعابه رعونةَ قليلي الخبرة من مثلي ورد: "أنتِ عندك حق وهم عندهم حق، أيصح أن تشتري شقة واسعة جدًا وتضعي فيها أثاثًا يتوافق مع شقة ضيقة؟! ولتعتبري الشقة هي الموقع والكلام هو الأثاث، علشان كدة بأقولك أنشئي مدونة"، فما كان مني إلا أن رددت على الفور: "وكيف ذلك؟" فجاء رده في هدوء الخبير: "ولكن قبل إنشاء المدونة لا بد من إنشاء صفحة على موقع فيسبوك الذي يعتبر نقطة تجميع لقرائك ومن ثم سوف تصحبينهم في رحلة إلى مدونتك".

 ولما وجدت أن الأمر يحتاج إلى وقتٍ للتفكير والتنفيذ حتى وإن كانت صفحة على فيسبوك فلا بد لي من دراسة للفكرة، واتتني فكرةُ إرسال ثلاث مقالات قصيرة بينها رابطٌ مشترك ولو من بعيد لمدونات الجزيرة لتفيَ بالكلمات الخمسمائة المطلوبة فأرسلت مقالات: "المجتمع في الميكروباص" و "الخطر خير وازع" و "السيارة أغلى من الإنسان" ففوجئت بنشرها على الفور وسعدت أيما سعادة!

ولما قررت بعد التفكير إنشاء صفحة على فيسبوك أتاح لي زميلي من وقته ما يوضَّح لي الأمر بشكل عملي فكتبت نصائحه وإرشاداتِه وأخذت اليوم التالي إجازة من العمل لأعمل على إنشاء الصفحة وأرد بمنتهى الجدية على الأسئلة التعريفية بي عند إجراءاتِ الإنشاء ورحت أنشر على الصفحة بانتظام حتى أصبحت جزءًا أصيلًا من مهامي اليومية لدرجة أنها شغلت رأسي وأخذت من وقتي المخصص للقراءة الكثير، فانشغلت بما أقدمه كل يوم تقريبًا لقارئي العزيز- الذي يمنحني أغلى ما يمتلك.. الوقت - حتى صارت له حقوق علىّ؛ لذلك لا يمكن أن أبخل عليه أبدًا بوقتي أو مجهودي لإمتاعه وإفادته بكل ما يتوفر لدىّ من أفكار قد تُثير فكره فيتناولُ الأمور بشكل أيسر فتسهل عليه الحياة. وعلى الرغم من أنني لا أرى قرائي بعينيّ فإنني أستشعر قربهم مني.

وبعد مرور عامين على إنشاء الصفحة، تخللهما زيادةُ في عدد القراء - والحمد لله- حتى أن بعضهم راح يتساءل إن كان لي كتاب أو موقع، قررت إنشاء الموقع واستغرقت ثلاثة أعوام أخرى تخللها تفكيرٌ عميق في الفكرة وكيفيةِ إعدادِ مُخططٍ لها والبحثِ عمن يساعدني في تنفيذها وما أعقبه من اكتسابِ خبرات واسعة بكواليس إنشاء موقع ومعارفَ بجنود مجهولين - لهم جزيل الشكر والامتنان- يحققون لي ما أرغب، بل ويلفتون انتباهي إلى ما لا أعلمه فيَزيدونني علمًا.

 وقد انتهيت بعد كل ذلك إلى تقديم خمسة أقسام بالموقع: الأولُ (قلم يفكر) يحتوي على المقالات الطويلة التي تناولتُ أفكارها بتفصيل واستفاضة بعد تفكير وتدبر في حين أن القسم الثاني (قلم يتأمل) يحتوي على أفكار مُركزة ومُكثفة، تتمثل في تأملات في النفس، والدين، والحب، والحياة، والتربية، والعمل. أما القسم الثالث فهو (قلم يترجم) ويحتوي على مقالات مترجمة متنوعة رأيت أنها ستفيد القارئ العربي، وهي في مجالات شتى، مثل: التربية، والعلوم الإنسانية، والعلوم المُبسطة، والتنمية البشرية. ويحتوي القسم الرابع (قلم يقرأ) على مقتطفات من كتب وددت لفت نظر القارئ إليها، وهي في مجالات متنوعة ما بين العلوم الإنسانية، والدين، والأدب، والسياسة، والعلوم المبسطة. وأخيرًا القسم الخامس (على الماشي) الذي يحتوي على ما قصُر من مقالات قلم يفكر وجمل وعبارات من قلم يترجم ومقطوعات من قلم يقرأ، وكلها كفيلة بأن تُقرأ على الماشي.

والآن بعدما اكتمل بناءُ موقعي يا قارئي العزيزَ وأصبح جاهزًا لاستقبالك ولي الشرف، أتمنى لك رحلة سعيدة وممتعة إلى موقعي.