قلم يفكر على الماشي (13)
إتقان الشيخ الحصري لأحكام التجويد
هل تعلم يا قارئي العزيز أن أحكام التجويد العملي للقرآن واجبة على كل مسلم مُكَلَّفٍ يريد تلاوة القرآن على وجهه لقوله سبحانه " وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا "؛ فالقرآن ليس كتابًا عاديًّا، بل إنه نزل بأحكام في التلاوة لا بد من اتباعها عند قراءته، أما أحكام التجويد النظرية فهي فرض كفاية أي تُغني إحاطة العلماء والمعلمين بها عن سائر المسلمين؛ لكن ينبغي للمسلم أن يجتهد في تَعَلُّم قراءة كتاب الله قراءة سليمة.
والتجويد لُغويًّا هو الإجادة والتحسين، واصطلاحيًّا فهو إعطاء الحروف حقها من الصفات ومُستحقها من الأحكام الناشئة عن هذه الصفات. ولا يوجد أفضل من الشيخ محمود خليل الحصري - رحمه الله - في تعليم أحكام التجويد والتدريب عليها كما يقول علماء التجويد في العصر الحديث. ولدينا من وسائل التكنولوجيا الحديثة ما يعين على ذلك.
رحم الله الشيخ الحصري رحمة واسعة وجزاه عن كل من تعلم منه خير الجزاء.
الأطفال والقرآن
لقد نشأت في بيت عامرٍ بمكتبة رائعة من أشرطة الكاسيت مُسجل عليها القرآن الكريم بأرخم الأصوات وأنداها وأمهرها بأحكام التجويد، فكنا نستيقظ في الصباح -أنا وإخوتي- ونحن صغار، على ما اختار أبي –رحمه الله- أن يسمعه من آيات الذكر الحكيم التي كانت تبث في نفوسنا الجمال وتشعرنا بالجلال معًا، ولم لا وهو كلام الخالق عز وجل، غير أن أبي كان دائمًا ما يُشغِّل القرآن مجوَّدًا في حين كنا –أنا وإخوتي– نطالبه أن يُشغل لنا قارئًا يتلو على نحو أسرع قائلين له: "يا بابا شغل لنا واحد بيقول بسرعة"؛ لنردد معه ما نحفظ ونفرح بذلك، وكان -رحمه الله- يبتسم لنا في تأمل ويلبي طلبنا ويُوقِف ما يُتلى بالتجويد وهو ما يهواه، ويشغل لنا ما نطلبه من السور بالترتيل.
وقد قدر الله أن تُوفِّي أبي قبل أن أهوى الاستماع إلى القرآن مُجوَّدًا؛ لكنني فهمت لماذا كان يبتسم لنا في تأمل ونحن نطلب إليه تشغيل القرآن بالترتيل؛ فقد كانت ابتسامته تنم عن استيعابه لطفولتنا وتفهمه لمستوى إدراكنا، فكل ما يشغل الأطفال – فيما أرى- هو الحفظ والترديد، أما إذا كبر الطفل وعقل ورضي عن قناعة بالإسلام دينًا، فمن المفترض أن يتمعن في القرآن ويدرك معاني آياته، بل ويستمتع بهذا الإدراك والتمعن، وهذا ما توفره التلاوة بالتجويد.
رحم الله أبي رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته.
وكونوا مع الصادقين
دائمًا ما أفكرُ في السرِ وراء تربعِ الشيخِ محمد صديق المنشاوي على عرشِ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ بخشوعٍ وتدبرٍ بما تحظى به تلاوتُه من استحضارٍ لصورِ الآياتِ واستشعارٍ لمعانيها على الرغم من رحيلِه المُبكرِ يوم 20 يونية من عام 1969 (ألفٍ وتسعمائةٍ وتسعةٍ وستين)، وكنت أنتهي دائمًا إلى القناعة بصدق الشيخِ في أداء تلاوتِه حتى تيقنتُ عندما سمعتُ له حديثًا بالإذاعة المصرية قُبيل وفاتِه وقد سأله المذيعُ عن الآيةِ التي يحبُ أن يرددَها فأجابه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ".
رحمَ الله الشيخَ المنشاوي رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته ونفعه بحسن تلاوته للقرآن، وهي التلاوةُ التي كانت تأخذُني - ولا تزال- إلى آفاقٍ أبعدَ مما تسمعه أُذنايَ.
القرآن كلام الله
كيف لا تنفعل النفس لكلام خالقها عز وجل؟!
وكيف تهجروه إذا انفعلت له؟!
فكلام الخالق هو حلْقة الوصل بينه – تعالى - والمخلوق، تلك الحلقة التي إن فقدها المخلوق ضاقت به الأرض بما رحبت، فيما أعتقد.
رمضان شهر القرآن
هل ثمة فضلٌ لشهرٍ مثلِ الفضلِ الذي اختصَ به اللهُ عز وجل شهرَ رمضانَ؟!
فقد أنزل فيه كتابَه الكريمَ على رسوله صلى الله عليه وسلم، ذلك الكتابَ المُعجزَ الذي يسعدُ من يتخذُه إمامًا ويشقى من يهجرُه.
فاللهم أعنا على ذكرِك وشكرِك وحُسن عبادِتك.
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/