حكاية طوفان الأقصى - لماذا ستنتصر غزة؟
لماذا ستنتصر غزة بإذن الله تعالى؟
في البداية لا أزعم أنني كاتبة سياسية، ولا أطمح إلى أن أكونها، غير أنني مصرية عربية مسلمة حتى النخاع فاجأها ما حدث في السابع من أكتوبر عام 2023 بينما كانت منكبة على شئونها الخاصة وأعمالها اليومية فانتبهت وأصابها الذهول والفرح في الوقت نفسه بما فعلته المقاومة الفلسطينية من إيقاظ الأمل فيها بعدما خاب من غلبة تغييب الوعي العام والهزيمة النفسية لدى كل فرد عربي لصالح العدو الصهيوني الاستعماري الذي زرع فينا برعاية حكامنا وأنظمتنا السياسية، مع عميق الأسف، أنه لا يُقهر فغاب عن تصورنا أن من الممكن قهره إذا أعددنا له ما استطعنا من قوة وملأت قلوبنا الثقة بالله عز وجل وبأنه وحده القادر وأننا أقوياء بالثقة فيه مع الأخذ بكل أسباب القوة الممكنة فمنتهى القوة أن تعمل الجوارح وتتوكل القلوب. وهذا ما شاهدناه بكل فخر من المقاومة الفلسطينية التي تدربت في أنفاق تحت الأرض بإرادة من حديد ويقين في النصر أو الشهادة.
فقد أطلقت كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي تأسست عام 1987، في السابع من أكتوبر عملية عسكرية واسعة ضد إسرائيل شملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف وعمليات تسلل واقتحام مستوطنات وأسر إسرائيليين. وقد أعلنت كتائب القسام بدء عملية "طوفان الأقصى".
وأطلقت المقاومة رشقات صاروخية مكثفة، قاموا بتصنيع صواريخها بأنفسهم، من قطاع غزة باتجاه إسرائيل فضلًا عن تسلل بري وبحري وجوي في حين دوت صفارات الإنذار في مناطق متعددة من بينها تل أبيب، والقدس، وأسدود، وعسقلان.
وفي اليوم نفسه أعلنت الإذاعة الإسرائيلية أن "حماس" أسرت 35 إسرائيليًّا منذ بدء الهجوم من غزة. بينما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية في محاولة لإخفاء خسائر إسرائيل إلى أنه "لا يمكن حصر" أعداد القتلى والجرحى بعد، في حين ذكر مستشفى سوروكا في بئر السبع أنه استقبل وحده أكثر من 80 مصابًا.
ولا تزال الحرب قائمة إلى اليوم 10 نوفمبر 2023، ويتكبد جيش الاحتلال – والحمدلله - خسائر ما كان ليتوقعها أبدًا لكنه يعوِّض خسائره بكل خساسة ووحشية بقصف المدنيين البرآء، وقطع كل سبل العيش عنهم لكنَّ الله أكبر.
وإنني أرى أن المقاومة ستنتصر وسوف يسترد الفلسطينيون أرضهم بإذنه تعالى ولا يمكن إبادة الشعب الفلسطيني وهو صاحب الأرض على الرغم من أننا نشاهد بأعيننا على الشاشات كل محاولات التنكيل والإبادة، وذلك لعدة أسباب اجتمعت كلها هذه الأيام.
لماذا لا يمكن إبادة الشعب الفلسطيني؟
أجاب الدكتور عبدالوهاب المسيري – رحمه الله – للأسباب التالية:
- ظهر المشروع الصهيوني في آواخر القرن التاسعَ عشرَ حينما بدأ العالم ينفتح بوسائل الإعلام الحديثة. (وها نحن نرى محاولات الإبادة على الهواء مباشرة، ومن ثم انفعلت شعوب العالم كلها لما يجري. والأكثر من ذلك أن حدث تصحيح جذري لدى شعوب العالم للصورة الزائفة التي روجت لها إسرائيل بأنها ضحية منذ أكثر من 75 عامًا).
- لم يكن الشعب الفلسطيني شعبًا بسيطًا يمكن القضاء عليه كما فعل الإنسان الأبيض في الولايات المتحدة بالهنود الحمر.
- يؤيد الشعب الفلسطيني كتلة بشرية ضخمة هي الشعب العربي على الرغم من تقاعس بعض النظم لكن هناك زخم. (لا أدري ماذا كان سيقول دكتور المسيري لو كان بيننا وسمع البعض من العرب يقولون إن القضية الفلسطينية ليست قضيتنا، وأن النظم كلها متقاعسة حتى الآن مع الأسف؟!)
- الشعب الفلسطيني شعب متعلم ومقاوم ومنظم (وهذا ملحوظ من الطفل إلى الشيخ).
وأضاف المسيري أن هذه العناصر كلها قد فوتت الفرصة على الإسرائيليين ليصبح حل الإبادة غير مطروح بين الفلسطينيين، ولذلك لم نر أي تجربة استيطانية إحلالية نجحت بدون إبادة. (صرح دكتور المسيري بهذا قبلما يقرب من 30عامًا ولم يكن رأى -مثلنا رأي العين - القائم بدور اليهودي الوظيفي الذي يقوم بوظيفة كان يؤديها الجنرال الإسرائيلي أو التاجر الصهيوني كما سبق أن تنبأ- رحمه الله.)
فالمجتمع الإسرائيلي من الناحية الديموغرافية مجتمع ليس متجانسًا بحيث يحمل كل فرد منه جواز سفر بلده الأصلي وقد نجحت المقاومة في إشاعة الشعور بعدم الأمان بينهم مما أجبر الكثيرين منهم على الهجرة العكسية عند استشعارهم الخطر بترك إسرائيل وهو ما زاد الفلسطينيين عزيمة على التشبث بأرضهم.
في حين تؤمن أغلبية القيادات الإسرائيلية والإسرائيليون بلعنة عقد الثمانين إيقانًا بأن أغلبية ممالك بني إسرائيل بعد النبي سليمان انهارت خلال العقد الثامن، وتجدر الإشارة إلى أن العقد الثامن سينتهي عام 2027، أي أن عمر إسرائيل لن يدوم أكثر من 80 عامًا وسيكون قبل 14 مايو 2028، إذ تأسست إسرائيل يوم 14 مايو 1948، وهذا بالتقويم الميلادي أما إذا كان الحساب بالتقويم الهجري فقد قامت إسرائيل في 5 رجب 1367 من الهجرة ومن ثم ستنهار في 5 رجب 1447 هجرية والموافق 25 ديسمبر 2025 بإذن الله.
وعندما سأل الإعلامي أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين، رحمه الله، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" - في برنامجه " شاهد على العصر " على قناة الجزيرة عام 1999 عن رؤيته لمستقبل إسرائيل أجاب أن إسرائيل قامت على الظلم والاغتصاب وكل كيان قام على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار.
فتساءل منصور: حتى لو يملك القوة التي تؤهله للبقاء؟
فأجابه ياسين: القوة لا تدوم في العالم لأحد، فالإنسان يبدأ طفلًا ثم مراهقًا ثم شابًا، ثم كهلًا، ثم شيخًا، وكذلك الدول تبدأ ثم تنتهي.
وتساءل منصور: وفي أي المراحل إسرائيل الآن؟
فأجابه ياسين: أنا أقول إن إسرائيل بائدة إن شاء الله عام 2027، وأضاف أنه يستشف ذلك من القرآن الكريم حيث أطلعنا على أن الأجيال تتغير كل 40 عامًا، وفي الأربعين الأولى كانت النكبة، وفي الأربعين الثانية بدأت الانتفاضة والمواجهة والتحدي والقتال، وسوف تكون النهاية في الأربعين الثالثة إن شاء الله تعالى.
ويشير رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك نفسه إلى ذلك بقوله في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت إلى أنه "على مر التاريخ اليهودي لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 عامًا إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن، ويتوجب استخلاص العبر من التشرذم والانقسام اللذين عصفا بممالك اليهود السابقة، والتي بدأت بالاندثار على أعتاب العقد الثامن".
ويشير الباحث الفلسطيني جورج كرزم في كتابه "الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين" الصادر عام 2018 إلى أن "أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين قد أعلنوا في ظروف سلمية أنهم يفكرون في ترك إسرائيل، وأن نحو 70% منهم يتوجهون للحصول على جنسية أخرى أو أنهم يفكرون في ذلك".
أما في ظروف كظروف الحرب التي تجري حاليًّا أو في ظروف مواجهة طويلة الأمد مع إسرائيل مع فقدان أسباب البقاء فإن عدد المهاجرين سيتضاعف، وفي حال نفّذ نصف العدد المذكور فكرتهم في الهجرة العكسية فإن إسرائيل ستفقد عمليا ربع سكانها على الأقل، مما يعني تآكل إسرائيل وتفوق عدد السكان العرب تدريجيًّا بفعل الزيادة السكانية المرتفعة لديهم.
وقد نجحت عملية "طوفان الأقصى" -ككل الحروب السابقة- في كشف عوامل القصور والضعف في بنية إسرائيل بتهشيم الواجهة الهشة لها، وبفعل صدمة 7 أكتوبر 2023 العسكرية وتفاقم المشاكل الداخلية ونزيف الهجرة العكسية تذهب إسرائيل إلى الفراغ، فلا استقرارَ ولا أمنَ ولا ازدهارَ يدعو للبقاء، وفي ذلك زيادة لعوامل الانهيار الداخلي لبنية وجودها الأساسية.
وعلى الصعيد العسكري صرح الخبير العسكري اللواء فايز الدويري متحملًا مسئولية كلامه: "إنه لا يمكن لشخص عادي حتى الجندي المُدرب في أفضل المعاهد وأرقاها في كل دول العالم أن يقوم بما يقوم به جندي المقاومة، فهذا الفرد الذي رفع العلم على الجارفة أو الذي وضع عبوة العمل الفدائي اللاصقة على الدبابة من مسافة لا تزيد على 50 إلى 60 مترًا يعني أنه قضى سنوات ليست أقل من 4 أو 5 في الإعداد البدني والمهاري والفني والنفسي والعقدي ومن ثم فهو خارج للشهادة وبالتالي لا يمكن هزيمته."
وأضاف: " مررنا على مدى 70عامًا بخمس هزائم رئيسية للجيوش العربية، واليوم تخرج كتائب القسام بعشرات الآلاف من المقاتلين فتحدد نقاط الضعف والوهن في حين تقوم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بإنشاء جسور جوية وإرسال حاملات طائرات من أجل إعادة توقيف هذا الكيان على قدميه. إن غزة تحارب العالم. أين كنا طيلة 70 عامًا؟ لم نكتشف حقيقة أن هذا الجيش يُقهر لكن ذلك يحتاج فقط إلى إرادة ماضية لدى المقاتل."
ألا يحق لنا بعد ذلك أن نقول: إن تحرير فلسطين كلها بدأ كما قال تميم البرغوثي؟!
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/certainty-is-an-unseen-soldier/
Pingback: صوت الحق شيء كالهواء يستحيل كتمانه / أسماء راغب نوار
الحمد لله الموفق، تسعدني متابعتكم
أشرف مقاومة في العالم
ربنا ينصرهم ويستعملنا لنصرتهم
صدقت، وتقبل الله دعواتكم، تسعدني متابعتكم