العلماء يرسمون خريطة جديدة للقشرة المخية النامية
مستشفى الرعاية الصحية في كارولينا الشمالية
ترجمة: أسماء راغب نوار
رسم الباحثون بكلية الطب بجامعة نورث كارولينا خريطة بدقة غير مسبوقة للقشرة المخية لصغير، مما يظهر نمو مناطق وظيفية رئيسية من شهرين قبل الولادة إلى عامين بعدها.
يمثل الرسم الحديث للنمو القشري، الذي نشرته مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) على شبكة الإنترنت، مصدرًا قيمًا لمزيد من البحث في نمو المخ، ويقدم نهجًا جديدًا فعالًا لدراسة اضطرابات نمو المخ مثل التوحد والفصام.
قال كبير باحثي الدراسة الدكتور جانج لي، الأستاذ المساعد بقسم الأشعة في كلية الطب بجامعة كارولينا الشمالية: "تمثل هذه النتائج مرجعًا مهمًا لاستكشاف وفهم ديناميكيات النمو المبكر للمخ".
كانت ينج هونج طالبة الدكتوراه في مختبر لي الباحث الأول للدراسة.
والقشرة هي طبقة من خلايا المخ تلتف حول جزء كبير من بقية المخ. وتعد هذه القشرة أكثر مناطق المخ تقدمًا من الناحية التطورية، وهي أكبر نسبيًا في الإنسان منها في سائر الثدييات، وهي مسؤولة عن وظائف بشرية تميز الإنسان بما في ذلك القدرات اللغوية والتفكير المجرد.
تعتبر الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل وحتى العامين الأولين من العمر هي الفترة الأكثر ديناميكية في التطور القشري. فتتكاثف القشرة بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، وتنمو بوتيرة أسرع من حيث مساحة السطح، عن طريق تكوين ثنايا قشرية معقدة.
وللاضطرابات في سماكة القشرة واتساعها في هذه الفترة علاقة بالتوحد والفصام. ومع ذلك، لم يكن لدى علماء الأعصاب إدراك مفصل لهذه المرحلة التنموية حسبما يرغبون. إنهم بحاجة إلى رسم خرائط أكثر شمولًا عالية الدقة في الفئة العمرية ما بين مرحلة الأجنة ومرحلة الدَرْج (تعلم المشي) على وجه الخصوص، ذلك الرسم الذي يُقسم القشرة النامية إلى مناطق متميزة تظهر بها معدلات النمو الخاصة بها—لا سيما معدلات نمو منطقة السطح.
وقد أجرى "لي" وزملاؤه مثل هذا الرسم في الدراسة. وجمعوا في بادئ الأمر 1037 صورة عالية الجودة من التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للأجنة في الثلث الأخير من الحمل حتى سن عامين. وتحصلوا على التصوير المقطعي من مشروعين بحثيين آخرين، وهما مشروع خريطة الاتصال العصبي للطفل الصغير بجامعتي نورث كارولينا ومينيسوتاUNC / UMN Baby Connectome (BCP) ومشروع تطوير خريطة الاتصال العصبي في الإنسان. وقد حلل الفريق بيانات التصوير المقطعي باستخدام أحدث طرق معالجة الصور القائمة على الكمبيوتر، وقسموا السطح القشري بشكل أساسي إلى شبكة افتراضية تحتوي على آلاف المساحات الدائرية متناهية الصغر، وحساب معدل تمدد السطح لكل منطقة من هذه المناطق.
لم يبدأ التحليل بافتراضات حول مواضع أجزاء المخ أو المناطق الوظيفية، ولكن على أي حال أصبح تحديد مواضع أجزاء المخ هذه واضحًا من الخرائط الناتجة، استنادًا إلى المعدلات المختلفة التي تتوسع بها مناطق السطح فقط. حدد الباحثون، في المجمل، 18 منطقة متميزة، وجدوا أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بما هو معروف بالفعل عن المناطق الوظيفية للقشرة المخية النامية.
ويقول لي: "تبين كل هذه المناطق توسعًا كبيرًا في مساحة السطح خلال هذه الفترة من فترات النمو، مع الأخذ في الاعتبار أن كل منطقة لها مسار مميز".
كشفت الخرائط أن كل منطقة يكاد يكون لها نفس المسار التنموي الذي لنظيرتها في نصف الكرة المخي المعاكس للقشرة. وقد كانت الفروق بين الجنسين واضحة وضوح الشمس. حتى عند فحص الفروق بين الجنسين في مساحة السطح الإجمالية - للذكر مساحة أكبر - وبدت هناك فروقات في مناطق متعددة. على سبيل المثال، أصبحت منطقة قشرة الفص الجبهي الإنسي في نصف المخ الأيسر، التي يُعتقد أن بها وظائف مهمة مثل الانتباه والذاكرة العاملة، أكبر نسبيًا لدى الذكور في وقت مبكر من السنة الثانية بعد الولادة.
كما أظهر التحليل أن أنماط تمدد مساحة السطح القشري في هذه الفترة المبكرة من الحياة تختلف تمامًا عن أنماط نمو سُمك القشرة، مما يشير إلى أن هذين المقياسين لنمو المخ يشتملان على آليات مختلفة.
وأفاد لي: "أن رسم الخرائط، بشكل عام، يقدم رؤى جديدة جوهرية حول نمو المخ."
يخطط "لي" وفريقه الآن لتطبيق هذا النهج من خلال الاستعانة بقواعد بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي التي تبدأ في أعمار مبكرة وتنتهي عند أعمار متقدمة. كما يأملون في نهاية المطاف في دراسة قواعد بيانات التصوير التي تغطي الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد أو سائر اضطرابات النمو العصبي. قد لا تقدم مثل هذه التحليلات أدلة على أصول هذه الاضطرابات فحسب، بل ربما تحدد أيضًا علامات مبكرة أو مؤشرات حيوية يمكن الاستعانة بها في المستقبل لإعطاء علاجات مبكرة أكثر فاعلية.
المصدر:
https://www.sciencedaily.com/releases/2022/08/220818141808.htm
لمزيد من الاطلاع: