الصفات الشخصية ليست دائمًا كما نظن
بدلًا من الاعتماد على الصفات، ركز على السلوكيات والمواقف.
بقلم: باتريك جالاغر
ترجمة: أسماء راغب نوار
نقاط رئيسية:
- كثير منا يعتقد أن الشخصية هي مجموعة خصائص فطرية توجه سلوك الفرد.
- الشخصية، بدلًا من ذلك، ما هي إلا مجموعة معقدة من العمليات المرتبطة بالعناصر المكوِّنة للمواقف.
- تقيس العديد من المؤسسات الصفات لانتقاء العاملين والقادة وتطويرهم.
- التركيز على السلوكيات، والظروف التي تطرأ فيها هذه السلوكيات، قد يكون أفضل كثيرًا من أجل التغيير والتطور.
يرى العديد من الأشخاص الصفات شيئًا أشبه بالدوائر الدماغية الفطرية أو الشفرات الوراثية التي تتسبب في سلوكنا.
لذلك، تقوم الشركات، على سبيل المثال، بقياس الصفات الشخصية للمتقدمين للوظائف. إذا حصل شخص ما على درجة عالية في صفة "حَذِر"، فيذهب المنطق حينئذ إلى أن هذا الشخص لن يجازف كثيرًا في العمل.
ومع ذلك، يتبين أن نتائج اختبارات الشخصية لا يمكن أن تتنبأ بالأفعال المحددة التي سيقوم بها شخص معين. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن الأفراد يمكنهم التصرف بصورة اعتيادية على مستويات متعددة ومختلفة من الصفة (Fleeson & Gallagher, 2008). لذلك، حتى الأشخاص الذين يحصلون على درجات عالية في صفة يقظة الضمير قد يتصرفون بلامبالاة في بعض السياقات. وينطبق نفس المبدأ على سائر الصفات الشخصية - حتى الشخص الاجتماعي في أغلب المواقف يمكن أن يكون خجولًا ومتحفظًا في ظروف معينة.
إذن، الطريقة التي نفكر ونقيس بها الصفات لا تبلي بلاء حسنًا في توقع سلوكيات البشر المحددة أو تفسيرها. لكنها الطريقة التي اعتدنا أن نسلكها في الغالب، خاصة في سياق العمل.
ما هي الصفات؟
إذا لم تكن الصفات عبارة عن دوائر دماغية تسبب نمطًا معينًا من السلوك في كل المواقف، فما هي إذن؟ يمكن اعتبار الصفات موجزًا لطريقة تصرف الشخص في العادة. في الواقع، تم تطوير الإطار الأكثر شيوعًا للصفات (الخمس الكبيرة) من خلال تحليل الكلمات التي تصف الشخصية (De Raad & Mlačić, 2015).
ثمة طريقة مختلفة للتفكير في الشخصية تتمثل في اعتبارها مجموعة من العمليات - الطرق المميزة في إدراك سمات معينة في المواقف وتفسيرها والاستجابة لها (Mischel & Shoda, 2008).
وهذا يعني أنه لكي تتوقع سلوكًا ما أو تفسره فإنك ستحتاج إلى معرفة ما هو أبعد من درجات الصفات الخاصة بالشخص - إذ ستحتاج إلى معرفة الظروف، وما السمات المميزة في تلك الظروف التي يركز عليها الشخص، وكيف يفسر تلك السمات ويستجيب لها.
لنفترض هذا السيناريو: تشارلز مدير يتطلع للترقية في العمل. وترغب الشركة في مساعدته في اكتساب مهارات جديدة وتغيير بعض الطرق التي يتصرف بها، حتى ينجح عندما يقود عددًا أكبر من الأشخاص. لاحظ أعضاء فريق تشارلز أنه غالبًا ما يصبح عدوانيًا في البيئات الجماعية عندما يتحدى شخص ما أفكاره، ويتسبب ذلك في التنافر بين الأشخاص. تُبَلِّغ الشركة تشارلز بما يتردد عنه، ثم تساعده على أن يتعلم أن يرى تلك الظروف بشكل مختلف ويطبق طريقة استجابة جديدة. يستطيع تشارلز تغيير سلوكه ويصبح قائدًا ناجحًا.
في هذا السيناريو، لم نكن بحاجة إلى معرفة تصنيف تشارلز في اختبارات الصفات الشخصية. هو وشركته على علم بسلوكيات معينة والظروف التي تنشأ فيها هذه السلوكيات. ثم عملوا على تحسين تلك السلوكيات. لا يهم ما إذا كان لدى تشارلز صفة "العدوانية" أو "الحساسية"، فقد استطاع أن يتعلم تفسير الأمور بشكل مختلف ومن ثم التصرف بشكل مختلف بالتبعية. بما أن (كما تشير الأبحاث) معظم الأشخاص قادرون على التصرف بكثير من الطرق المختلفة، فإن معظم الناس يمكنهم تغيير سلوكيات جوهرية بهذه الطريقة.
تدعم الأبحاث هذا النهج؛ تشير بعض الدراسات إلى أنه في الظروف المشابهة، غالبًا ما يبدي الأشخاص نفس السلوكيات (Funder & Colvin, 1991; Mischel & Shoda 2005, Tett & Guterman, 2000). بعبارة أخرى، في مواقف معينة بتفاصيل مشابهة (مثل البيئة الجماعية ومواجهة تحديات)، غالبًا ما تبرز سلوكيات معينة (رفع الصوت، الهجوم اللفظي (.
لا تفيد درجات اختبارات الصفات الشخصية للتنبؤ بالسلوكيات وتفهمها وتحسينها. بدلًا من ذلك، يمكن أن يكون تحليل كيفية استجابة الشخص لمواقف معينة أسلوبًا أكثر فعالية.
كيف تكون الصفات الشخصية مفيدة؟
تتنبأ الصفات بالأنماط، في المتوسط وفي مجتمع إحصائي وعلى مر الزمن. على سبيل المثال، ترتبط الدرجات العالية في صفة يقظة الضمير بالنجاح في العديد من مناحي الحياة، بما في ذلك العمل (Shaffer & Postlethwaite, 2013). وهذا يعني أن وجود الكثير من الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من يقظة الضمير ، في المتوسط على مستوى الشركة أو الفريق، سوف يساعد على الأرجح على تحقيق نتائج أفضل.
لكن بالنسبة للفرد، من المرجح ألا تتنبأ درجة الصفة بشكل موثوق بسلوكيات معينة أو تفسرها. والسلوكيات التي يمكن للآخرين رؤيتها والمؤثرة في تشكيل نتائج مهمة هي عادة ما نرغب في تحسينها.
لذلك، إننا بحاجة إلى معرفة المواقف وجوانبها المهمة لتحسين السلوكيات. بتغيير الموقف نفسه، أو بتغيير طريقة إدراك الفرد وتفسيره واستجابته لتفاصيله، سيكون من الأسهل تغيير السلوكيات – دون الحاجة للنظر إلى الصفات.
المصدر:
للاطلاع على المزيد: