اعتياد الآباء الإشباع الفوري
بقلم: دافيا سيلز
ترجمة: أسماء راغب نوار
النقاط الرئيسية
- غالبًا ما يقدم الآباء لأطفالهم نموذجًا عن الإشباع الفوري.
- حاول ألا تفوت على طفلك فرصة لحل مشاكله بنفسه.
- عندما يحيطك طفلك بمشكلة يواجهها، تحلَّ بالصبر، واستمع إلى الشكوى كاملة، ثم اسأله، "ماذا حاولت فعله؟"
من مظاهر تعزيز الإشباع الفوري لدى الأطفال والمراهقين هو أن الآباء فتنتهم الظاهرة أيضًا. فكر في الإحباط الذي ينتابك عندما تكون صفحة الويب في حالة تخزين مؤقت أو أن الاتصال بشبكة Wi-Fi ضعيف. عادة ما يشوب رد فعلنا الاستياء وقلة الصبر. وقد يبدو الانتظار لدقيقة واحدة كأنه انتظار إلى الأبد.
كما أننا، ونحن أشخاص راشدون، أصبحنا معتادين على زخم المعلومات في أي وقت نريدها. ولا يقتصر تقديرنا لأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية على أنها تتيح لنا أن نظل على اطلاع دائم بالأحداث الجارية ورسائل البريد الإلكتروني والأخبار، إنما نتخذها كذلك وسيلة سريعة وفعالة للتواصل بين الأشخاص. كما أصبح من السهل جدًا افتتان الأشخاص الراشدين بوسائل التواصل الاجتماعي أيضًا. فليس أطفالك فقط هم من يقضون ساعات يوميًّا وهم يحدقون في شاشاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. تمامًا كما أخبرني عدد كبير من البالغين والمراهقين أنهم ألغوا حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها كانت تستنزف أوقات فراغهم أو تنغص عليهم حياتهم.
نظرًا لأن الدافع وراء حدوث الأشياء بسرعة قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا، فمن الأهمية بمكان للآباء أن يكونوا على دراية بمدى دعمهم عن غير قصد للإشباع الفوري باعتباره سلوكًا متوقعًا من أطفالهم.
غالبًا ما يكون دافع الآباء نحو التحرك السريع وإنقاذ أطفالهم من المشكلات قلة صبر الوالدين. ففي الواقع أن حل مشكلة الطفل بسرعة خليق بأن يشعر والديه بالراحة. وفي كثير من الأحيان، يسارع الآباء بإنقاذ أطفالهم ليس إلا لأنهم هم أيضًا يجدون صعوبة في الانتظار. وغالبًا ما يأتي الأطفال والمراهقون إلى والديهم بشكوى عن شيء يجري في حياتهم، يسارع الكبار إلى تقديم الحلول. فالأمر يتطلب الكثير من الصبر لتكون مستمعًا جيدًا، وألا تقدم أية مقترحات، وتَتجَنْبَ إنقاذهم. فمن السهل أن تبادر بتقديم النصيحة أو أن تخبر الأولاد بما يجب عليهم فعله. لكن هذا لا يسلبهم فرص حل المشكلات وإيجاد الحلول بأنفسهم فحسب، بل إنه يلقنهم أيضًا أن المشكلات لا بد أن تُحل بسرعة.
الآباء يقدمون نموذجًا لطريقة استخدام الأجهزة الإلكترونية من خلال تصرفاتهم.
غالبًا ما يشتكي الراشدون أو يسخرون من أن المراهقين دائمًا ما يحملون التليفون بأيديهم. بل قد يذهب العديد من الآباء إلى ما هو أبعد من ذلك فيصفونه بأنه فعل قهري نتيجة اضطراب وسواس قهري أو "إدمان". ومن الشائع أن يحاول الآباء وضع قيودٍ على استخدام الهاتف المحمول في محاولة منهم لكسر هذه العادة لدى أطفالهم من خلال إخبارهم بأنها وسيلة
إلهاء غير مناسبة. ثم يقوم هؤلاء الآباء أنفسهم بإخراج هواتفهم للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية وقراءة التقارير الإخبارية في حين كان بإمكانهم قضاء الوقت مع أسرهم.
انتبه إلى عدد المرات التي تتحقق فيها من هاتفك عند الانتظار مع أسرتك في مطعم أو أثناء حدث رياضي لطفلك أو حتى مع أطفالك في إجازة. ينبغي للآباء أيضًا أن يحذروا عدم تحمل التوقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية. فالأطفال والمراهقون حريصون على ملء أوقات فراغهم بالأجهزة الإلكترونية. كم مرة عزز الآباء عدم التحمل فصاروا أسوة لأولادهم بأفعالهم؟ هل جلست لتناول العشاء في مطعم وأخرجت هاتفك؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت بذلك تعطي الإذن لأولادك لفعل الشيء نفسه.
كما يواجه الآباء صعوبة في تأجيل الردود على الرسائل النصية من أطفالهم. ومع ذلك، ثمة أوقاتًا لا يتوجب عليك الرد فيها في الحال، كأن تكون على موعد، أو تشارك في مناسبة اجتماعية، أو تمارس نشاطًا شخصيًا. ينبغي أن يعلم أطفالك أنك لن ترد على الفور في هذه الأوقات. فالرسائل النصية تعتبر خيارًا للتواصل وليست ضمانًا.
لذلك، ضع في اعتبارك الانتظار قبل الرد على رسالة نصية غير عاجلة. إذا كنت في اجتماع أو تقضي وقتًا مع صديق أو تستمتع بالوقت مع نفسك، فلا تنفصل عما أنت بصدده لترد فورًا على كل رسالة نصية. على الرغم من أن هذا الأمر مغرٍ، تذكر أن جزءًا من الإغراء هو حاجتك إلى فعل فوري. فلا تحرم أطفالك من التدرب على التحلي بالصبر على القدرة على الانتظار لكونك تريد فعلًا فوريًّا.
ثم وضح الأوقات التي يحتاج فيها أطفالك إلى تبين أنك متاح لهم. فعلى سبيل المثال، طمأنهم أنك سترد على الفور على رسائلهم النصية إذا كانوا بمفردهم في المنزل، وأنت بعيد عنهم أو إذا كنت تعلم أنهم بحاجة إلى إذنك لفعل شيء ما. خلال تلك الأوقات، يجوز لك الاتفاق على وقت تكون فيه مهيَّئًا لتلقي رسالة نصية أو مكالمة هاتفية إذا احتاجوا إليك.
ثمة شيء مهم آخر يتوجب على الآباء فعله وهو إدراك متى يشعرون أنهم مأخذون بالتيار الجارف المتمثل في الوتيرة السريعة التي يعيشها المجتمع وأنهم مندفعون نحو الإشباع الفوري لرغباتهم. عندئذ يتوجب عليهم أن يتخذوا خطوة للوراء باحثين عن فرص يومية للتريث. فقد أصبح هذا أسلوب حياة معظم الأطفال والمراهقين وهم ليسوا على دراية بالعادات السيئة التي تنشأ. قد يلزم الآباء التمهل وإبطاء هذه الوتيرة من أجلهم. والقيام بذلك يعني أنك بحاجة إلى مزيد من الصبر وأن تتمتع بالوعي الذاتي بميولك وتوجهاتك لمواكبة الطابع الفوري المنتشر في هذا الجيل.
من الأهمية بمكان بالنسبة للآباء أن يكونوا على دراية بالعلامات التي قد تبدو على أطفالهم. والخطوة التالية هي أن يعاين الأب/ الأم ويفحص ما يصدر عن أطفاله من أقوال وأفعال مما يشجع على هذه الوتيرة السريعة واتخاذ خطوات جادة لتحقيق توازن بين الإنجازات والتوقعات المعقولة. من المفيد أن تتمهل قليلاً بين الحين والآخر. وإذا كان أطفالك لا يدركون ذلك، فسوف يقدرونه.
المصدر:
لمزيد من الاطلاع: