قلم يفكر على الماشي (11)

أسماء راغب نوار | قلم يفكر على الماشي (11)

الصغيرة تُعطي درسًا في الحب

عندما أخبرت ابنة أختي الحبوبة ابنة الرابعة والتي دائمًا ما تتسلل إليّ لتجلس بجواري وتراقب ما أفعل أنني أُحبها حبًا جمًّا ردت عليّ: "طيب إديني طوفي"، تلك الحلوى التي يعرفني أولاد إخوتي كلهم بها، قلت لها وأنا أتظاهر بعتابها: "ده بدل ما تقولي لي وأنا كمان بحبك!"، قالت لي: "لو إدتيني طوفي حأقولك بحبك"، قلت لها: "ياااااه أمشروطٌ حبنا بالطوفي وهو شيء تافه؟!" فوجدتها تنهض من مكانها وتشير إليَّ بإصبعها وكأنها تود أن تلقنني درسًا وتقول: "يا أسماء الطوفي حاجة كبيرة وحلوة كمان"! فقلت لها ما دام الطوفي له هذه المنزلة عندك فسآخذ ذلك في الاعتبار فيما بعد.

لكن بحواري مع الصغيرة أدركتُ أن أفعال المُحب مرهونة بقبول المحبوب، وأن قيمة الشيء يختلف معيارها وفق اعتبارات، منها السن.

قلم يفكر على الماشي (11)

 

بنو البشر

لي جهازا كمبيوتر محمول (لاب توب) أحدهما خاصٌ بي والأخرُ وفرته لي جهةُ عملي، أما جهازيَّ الخاصُ بي فكان لمدة تجاوزتْ 5 (خمسَ) سنوات هو الأحدثَ تكنولوجيًا بمقدار 3 سنواتٍ بمقياس التكنولوجيا فكان استخدامُه أسهلَ وكنتُ أعتمدُ عليه في إنجازِ أغلبِ المهامِ الصعبةِ المُوكلةِ إليَّ، للوفاءِ بمواعيدِ التسليمِ فكان الأقربَ إليَّ في الواقع وساعدي الأيمنَ في جُلِ ما أعملُ؛ ولأن من سُّنَّةِ الحياةِ تقلُّبَ الحالِ؛ فقد جيء إليَّ في العملِ - منذ ثلاثة أشهرٍ تقريبًّا-  بجهازٍ أحدثَ 5 (خمسَ) سنوات بمعيار التكنولوجيا من جهازي الخاص بعدما اُستنفدت كلُ محاولاتِ تصليحِ القديمِ أو تحديثِه.

ولما صار جهازي في العملِ أحدثَ من جهازي الخاصِ أصبحتُ أعتمدُ عليه أكثر وأصبحَ هو الأقربَ، ولما تأملتُ تغيرَ حالي مع جهازيَّ الخاص وبُعدي عنُه على نحوٍ غيرِ مسبوقِ نظرتُ إليه وقلتُ في نفسي إنه لو نطقَ ولامني لطلبتُ منه أن يعذرني فأنا من بني البشرِ يُغريهُم الأسهلُ ويسعون وراء الأفضلِ ويؤثرون المصلحةَ؛ ولكن يتوجب عليهم ألا ينسوا أصحابَ الفضلِ عليهم.

قلم يفكر على الماشي (11)

 

 

بساطةُ الأطفالِ وتعقيداتنُا

عندما طلبتُ من ابن أختي ابنِ الثامنةِ وهو مُستغرَقٌ في إحدى ألعابِ الكمبيوتر أن يضعَ حذاءَه المُلقَى في المكانِ المخصصِ له حوَّلَ الطلبَ مباشرةً إلى أختِه ابنةِ الثانيةِ والنصفِ، فاعترضتُ بشدة على طلبه إليها أن تضعَ هي حذاءه، فردَ عليَّ قائلًا: "وفيها ايه يعني، اشمعنى أنا أجيب لها كوباية ميه لما تعطش؟!" فتراجعتُ عن اعتراضي وقلتُ له: "ما دام كوبُ الماءِ قد تساوى في نظرِكَ مع الحذاءِ وتتناولُ الأمرَ بهذه البساطةِ فلا بأسَ من أن تساعدك أختُكَ بالمثلِ".

لكنني قلت في نفسي بعدها: "يا ليت الأولادَ يتناولونَ الأمورَ بهذه البساطةِ عندما يصبحون رجالًا".

قلم يفكر على الماشي (11)

 

رفع الوصاية عن العقل

منْ أكثرِ ما أدينُ بِهِ لأُمِّي - حفظَها اللهُ - أنَّها لمْ تُملِ عليَّ رأيًّا، على أنني أتعجَّبُ عندَمَا أصلُ إلَى ما توصَّلتْ إليهِ، لكنْ شتَّانَ بينَ مَنْ وَرِثَ رأيًا ومَنْ حقَّقَ ودقَّقَ وفكَّرَ في تكوينِهِ؛ فمنْ ورثَ رأيًا فقدْ باعَ عقلَهُ ومَنْ كوَّنهُ بنفسِهِ فقدِ اشتراهُ.

 

قلم يفكر على الماشي (11)

لمزيد من الاطلاع:

https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/