مارس 12, 2023

|

بواسطة: asmaa

|

Tags: الحياة, الدين, العمل, النفس

|

Categories: قلم يفكر

قلم يفكر على الماشي (1)

أسماء راغب نوار | قلم يفكر على الماشي (1)

رحمة رأس المال

مررتُ على مِحلِ بقالةِ كبيرٍ (سوبر ماركت) وأنا في طريقي إلى العملِ صباحَ اليوم لأشتري بعض لوازمِ موظفِ رابضٍ في مكتبِه حتى غروبِ الشمسِ ـــــــ لوازمَ من طعامٍ وشرابٍ لتسُدَّ جوعَه أو لتُسرِّي عنه كالأطفالِ.

دخلتُ المحلَ الذي أُعتبر عميلةً دائمةً له لأجده مكتظًا بالزبائن الذين يقفونَ وحدهم بدونِ مساعدةٍ من الصِبْيَةِ الذين دائمًا ما يقفونَ لتلبيةِ طلباتِهم، فقد بدا المحلُ خاليًا منهم وبدا صاحبُه مشغولًا على مقعدِه الدائمِ لتحصيلِ النقودِ، وكان الزبائنُ مصطفينَ أمامه انتظارًا لإنهاء مكالمةٍ يسجلُ منها بالكتابةِ طلباتِ زبونٍ آخر وقام من مقامِه ليتفحصَ بضاعتَه للردِ على استفساراتِ الطالبِ، فبدا وكأنه غارقٌ في شبرِ ماءٍ، فقلتُ في نفسي فلأساعدْ نفسي بنفسي وأتجولْ في المحلِ لألتقطَ ما أريدُ فإذا بي أجدُ صبيان المحلِ البالغِ عددهُم أربعةً وقد افترشوا أحدَ أركانِ المحلِ ليتناولوا إفطارهَم وهم يتضاحكون ويقهقهون فسررتُ بسرورهِم؛ لكنَّ ما استوقفني هو رحمةُ صاحبِ المحلِ وكرمُ أخلاقِه.

قلم يفكر على الماشي (1)

 

القرآن والأشعار

في الوقت الذي أتذكر فيه ما أحفظ من أبيات شعر لمستني أو جمل وعبارات قرأتها فاستوقفتني أو حتى أغنية أعجبتني على مدى عمري أتعجب عندما أجد آيات القرآن التي أحفظها قد تبخرت فلا أستطيع تذكرها إلا بعد الرجوع للمصحف واستذكارها. فأتساءل: ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن نفسي لا تهوى كلام الله كما تهوى كلام خلق الله؟ أكتاب غير الله أحب إلى نفسي من كتاب الله؟

يا حسرتي إن كنت كذلك!

لكن كيف يجري في العقل الواحد الشيء وعكسه، فيُمنح العقل إمكانية الحفظ مع تفاوت مدة التخزين؛ إنها طلاقة قدرة الخالق عز وجل الذي جعل مدة تخزين آيات القرآن المحفوظة في العقل أقصر مدة مقارنة بغيرها مما يُحفظ.

وانتهيت بعد تأمل طلاقة قدرة الله هذه إلى أن ذلك حتى لا تنقطع صلة المخلوق بخالقه، فلو أن مدة تخزين القرآن تساوت مع مدة تخزين الأشعار لما كان هناك داعٍ للرجوع إلى المصحف؛ ولأن الخالق يُنْعِم بالوصال بمن رضي به ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولا فقد جعل مدة تخزين القرآن هي الأقصر حتى يداوم العابد على استذكار كلامه جلّ وعلا وتَذكُّر أوامره ونواهيه فذاك له حصن وحماية بل وطمأنينة.

قلم يفكر على الماشي (1)الشعورُ بالنقصِ

الشعورُ بالنقصِ هوَ فجوةٌ في نفسِ الإنسانِ تُعوِّقُهُ عنِ التصرفِ بطريقةٍ سويةٍ في بعضِ المواقفِ، فيتصرفُ بشكلٍ مبالَغٍ فيهِ ليواريَ هذهِ الفجوةَ عمنْ يُشاهدُهُ ولا يدري أنَّ ردَّ الفعلِ المبالَغَ فيهِ أوْ إعطاءَ الأمورِ أكبرَ منْ حجمِهَا يفضحانِ الشعورَ بالنقصِ بداخلِهِ.

وأرَى أنَّ أسبابَ نشوبِ الشعورِ بالنقصِ داخلَ الإنسانِ هوَ عقدُهُ الدائمُ المقارنةَ بغيرِهِ؛ فيشعرُ بنقصِ ما لدَيهِ إذا قورنَ بما لدَى الآخرِ فلا ينالُ منْ هذِهِ المقارنةِ سوى تنغيصِ عَيشِهِ وإظهارِهِ صغيرًا أمامَ نفسِهِ قبلَ الناسِ.

قلم يفكر على الماشي (1)

 

تكبير الدماغ

لـ"تكبيرِ الدماغِ" معنيانِ: أحدُهُمَا سلبيٌّ والآخرُ إيجابيٌّ، أما السلبيُّ فهوَ مجاراةُ التيارِ السائدِ ظاهريًّا ومناهضتُهُ داخليًّا، أمَّا الإيجابيُّ فهوَ عدمُ الإصرارِ على إقناعِ غيرِكَ برأيِكَ؛ فالسلبيُّ جديرٌ بإظهارِكَ شخصًا منافقًا غير متصالحٍ علَى الأقلِّ مع نفسِكَ، وأمَّا الإيجابيُّ فجديرٌ بإظهارِكَ شخصًا واسعَ الأفقِ هادئًا متوازنًا أمامَ نفسِكَ في تقبُّلِ الاختلافِ.

.

قلم يفكر على الماشي (1)

 

لمزيد من الاطلاع:

https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/