كيف تكسب شركات فيسبوك وتويتر ولينكدإن؟
بقلم: جريج ماك فارلين
ترجمة: أسماء راغب نوار
يستخدم عدد مذهل من الأشخاص وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم، لذا فمن الوارد أن نطرح سؤالًا: "كيف تجني شركات مواقع التواصل الاجتماعي الأموال في الوقت الذي تقدم فيه الكثير من الخدمات المجانية؟"
اعتبارًا من الربع الثالث من عام 2021، كان لدى شركة (META) ، المعروفة سابقًا باسم فيسبوك، 2.91مليار مستخدم نشط شهريًا، بزيادة قدرها 7.18 ٪ عن نفس الفترة من العام السابق. وقد توقفت شركة (تويتر) عن تقديم تقرير عن المستخدمين النشطين لديها شهريًا، لكن آخر عدد في الربع الأول من عام 2019 كان 330 مليونًا، بينما كان لدى موقع (لينكدان) حوالي 310 مليون مستخدم نشط شهريًا اعتبارًا من الربع الثاني من عام 2021.
ويعتبر هذا الحجم من المستخدمين الإجابة المختصرة عن السؤال الخاص بكيفية ربح هذه الشركات. لكنها ليست الإجابة الكاملة. إننا نوضح هنا بالضبط كيف تترجم كبرى شركات مواقع التواصل الاجتماعي كل هذا الكم من المستخدمين إلى نقود.
النقاط الأساسية:
- الوسيلة الأساسية التي تربح من خلالها شركات مواقع التواصل الاجتماعي مثل (Meta)، فيسبوك سابقًا، وتويتر هي بيع الإعلانات.
- إن مفهوم بيع الإعلانات عند تقديم خدمة مجانية ليس جديدًا؛ فالتلفزيون والصحف وشركات الإعلام تقوم بالشيء نفسه قبل وقت طويل من ظهور شركات مواقع التواصل الاجتماعي.
- لشركة (Meta)89 مليار مستخدم نشط شهريًا في جميع أنحاء العالم ويقدر متوسط الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) بـ 32.03 دولار في عام 2020.
- يأتي متوسط الإيرادات لكل مستخدم بشركة (Meta) بشكل أساسي من خلال الأرباح المكتسبة من المُعلنين الذين يستخدمون المنصة للوصول إلى العملاء.
الربح من الإعلانات
هذه ليست ملاحظة فريدة، لكنها مهمة: فإن كنت لا تدفع لتحصل على منتج، فالمنتج هو أنت. إن العملية التجارية الحقيقية هنا لا تعني أن تحصل على متعة في شكل إلهاء مؤقت مجاني أنتجتها شركة إعلامية بتكلفة كبيرة، ولكن بدلاً من ذلك، تستأجر تلك الشركة الإعلامية مقلتيك للمعلنين على منصتها.
تتجلى هذه الحقيقة للكثيرين بشكل أوضح في صناعة التلفزيون. فالمسلسلات التلفزيونية لا تُنتج لإسعادك أنت أيها المشاهد اللحوح المستعد بشكل غير محدود للترفيه بشكل سلبي. إنما تُنتج المسلسلات لأنك و12 مليون شخص آخر ستشاهدون المسلسل، وبالتالي تولون اهتمامًا لا شعوريًا على الأقل لفقرة الإعلانات التجارية التي تمتد لـ 16 دقيقة خلال الحلقة الواحدة.
أما بالنسبة لأصحاب مطاعم الوجبات السريعة وصانعي السيارات فلديهم عدد قليل من طرق أكثر فاعلية لجذب انتباه العملاء، تلك الطرق التي تلم بها جيدًا مختلف الشبكات التلفزيونية. وينصب اهتمام شركات الإعلام على إسعاد المنتجين قبل المشاهدين.
"ميتا" تقفز على عربة الإعلان
بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي، فإن أهمية عدد المشاهدين الملتصقين بشاشات أجهزة الكمبيوتر أو هواتفهم الذكية الخاصة تعتبر أهمية كبيرة (إن لم تكن الأهمية القصوى) كما هو الحال بالنسبة للتلفزيون التجاري. ثمة سبب وراء استخدام بند متوسط الإيرادات لكل مستخدم في التقرير المالي الذي يقدمه موقع فيسبوك لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
وصل متوسط الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) في شركة "ميتا" في نهاية عام 2020 إلى 32.03 دولارٍ. اضرب ذلك في قاعدة المستخدمين المقدّرة والمذكورة أنفًا للربع الثالث من عام 2021 للوصول إلى تقدير تقريبي، والآن يمكنك فهم سبب امتلاك شركة "ميتا" لقيمة سوقية تُقدر بأكثر من تريليون دولار.
عندما كان مارك زكربيرج مؤسس شركة "ميتا" يبحث عن مدير عام للعمليات في عام 2007، لم يكن من قبيل المصادفة أنه لم يختر مهندسًا أو تقنيًّا، بل اختار نائب رئيس يتمتع بخلفية في مبيعات الإعلانات. فقد قضت شيريل ساندبرج 6 سنوات ونصف السنة في بيع الإعلانات بصفتها نائب رئيس شركة جوجل.
حقيقة سريعة: منذ عرضها العام الأولي (IPO) في عام 2012، قفز سعر سهم شركة "ميتا" من 38 دولارًا تقريبًا للسهم الواحد إلى 331.62 دولار للسهم اعتبارًا من 4 نوفمبر 2021؛ بزيادة قدرها 772.7٪.
كيف ساعدت شركة واتساب شركة "ميتا" في تحقيق الإيرادات
من الواضح أن زيادة قاعدة مستخدمي "ميتا" حتى وصلت فيها إلى الكتلة الحرجة كانت بالغة الأهمية لعمليات الشركة، ولكن إلى الحد الذي قدم شيئًا لجذب المعلنين فحسب. بالنسبة للمراقب غير المهتم، فإن تخصيص 19 مليار دولار لشراء تطبيق الرسائل النصية "واتساب" قد يعني منتهى سطوة عصر "الدوت كوم" واندفاعه وعجرفته.
لكن الأمر ليس كذلك.
تضم شركة "واتساب" أكثر من ملياري مستخدم نشط شهريًا، وهو ما يمثل لإدارة شركة "ميتا" مخزونًا ضخمًا من العقول المستهدف بيعها كوحدة لشركات تتطلع، على سبيل المثال، لبيع المزيد من مستخدمي الهواتف الذكية في هذا الرُبع من العام. كل عملية شراء أجرتها شركة "ميتا" منذ ذلك الحين، سواء كانت مليار دولار لشراء شركة انستجرام أو 19 مليار دولار لشركة واتساب، كانت تُجرى وفي حُسبانها الهدف نفسه.
الغرض الحقيقي لوسائل التواصل الاجتماعي
لم تكن الإعلانات مجرد وسيلة لشركة "ميتا" وكل ما على شاكلتها للتربح من عائدات نشر الصور العائلية والتأملات الشخصية التي لا تكاد تُذكر. إن الإعلان هو الهدف الرئيسي من وجود مثل هذه المواقع أصلًا وينطبق هذا على موقعي تويتر ولينكدإن.
حقيقة سريعة: بلغت عائدات إعلانات شركة "ميتا" 84.2 مليار دولار في عام 2020.
إن ما يرد على خاطرك مما تكتبه على موقع تويتر عن أي شيء بدءًا من إلقاء القبض على أحد المشاهير إلى الاضطرابات المدنية دوليًا قد يكون له أهميته بالنسبة لتداول الأفكار والأحداث في العصر الحديث لكنه أمر ثانوي بالنسبة لأصحاب الإعلانات. ولنستعرض مقتطفات لشركة تويتر تؤكد ذلك حين ذُكر في تقرير قدمه الموقع لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية عن أن الشركة تتطلع وتهتم بأن تكون:
" مجهوداتنا مُكرَّسة لجذب أصحاب الإعلانات لمنصتنا وزيادة ما يدفعونه لنا".
و
"إننا نجتهد لتحويل المستخدم إلى نقود بما في ذلك عائدات الإعلانات عن كل مشاهدة لليوميات على الموقع".
هل تكسب شركة "ميتا" من ملفي الشخصي على موقع فيسبوك؟
لا تكسب شركة "ميتا" من أي محتوى تنشره بشكل مباشر بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو والمنشورات النصية أو أي شكل آخر من أشكال النشر. فلا تحصد شركة "ميتا" الأموال إلا عن طريق وضع إعلانات على منصتها التي يتحمل تكاليفها شركات أو أفراد.
ما نوع الإعلانات التي تستخدمها شركة "ميتا" لاكتساب المال؟
الأنواع الرئيسية للإعلانات التي تستخدمها شركة "ميتا" هي إعلانات الخدمة الذاتية، والإعلانات المستهدفة، وإعلانات "ماسنجر" على موقع فيسبوك، وإعلانات الفيديو، وموقع فيسبوك على التليفون المحمول، وتوليد البيانات.
ما مقدار المال الذي تحققه مليون مشاهدة على موقع فيسبوك؟
قد يكسبك مقطع فيديو حقق مليون مشاهدة على موقع فيسبوك في المتوسط 1000 دولار. وقد يفوق ذلك ليصل إلى 1500 دولار بناءً على معدل التكلفة لكل ألف ظهور (CPM).
خلاصة القول
من منظور المستهلك كان الإعلان في الأساس وسيلة للاستمتاع بمنتج نهائي بتكلفة منخفضة على نحو ملحوظ. فبدون الإعلانات كانت ستتضاعف أسعار الصحف والمجلات والاشتراكات عما هي عليه الآن. وفي الواقع فإن مثل هذه الإصدارات من صحف ومجلات قد تخسر من الناحية الاقتصادية، فارتفاع الأسعار من شأنه تقليل حجم المبيعات ليصل إلى الصفر فعليًّا.
وينطبق هذا على البث التلفزيوني والأهم من ذلك كله على مواقع التواصل الاجتماعي. من الناحية النظرية، قد يطلب موقع فيسبوك في المتوسط 32.03 دولار من المستخدم لإنشاء حساب عليه بالاشتراك. وتبدو المشكلة في أنه لن يقتصر الأمر على إلغاء المستخدمين حساباتهم بالملايين - أو الامتناع على دفع رسوم الاشتراك في المقام الأول – ولكن من شأن فرض الرسوم أن يقضي على إمكانية زيادة الديناميكية والنمو.
حتى ينتقل أحد مواقع التواصل الاجتماعي من 100 مليون مستخدم إلى 2.91 مليار وما يزيد، لا بد أن يكون الوصول إليه سهلاً بلا بذل مجهود تقريبًا، والأهم من ذلك كله، أن يكون مجانيًا.
إن استخدام نموذج يدعمه المعلن، بدلاً من فرض رسوم على كل مستخدم على حدة، هو بلا شك أسهل طريقة لشركة "ميتا" لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين. كلما زاد عدد المستخدمين على الموقع، زاد عدد المعلنين الراغبين في جذب انتباههم، وزاد استعداد هؤلاء المعلنين للإنفاق. وهو ما يصب في مصلحة إدارة شركة "ميتا" والمساهمين.
المصدر: