يناير 12, 2023

|

بواسطة: asmaa

|

Categories: قلم يفكر

التعصب وضيق الأفق أم الحيرة واتساع الأفق؟

أسماء راغب نوار | التعصب وضيق الأفق أم الحيرة واتساع الأفق؟

قرأت كتابًا مؤخرًّا نقض فيه الكاتب وجهة نظري عن حقبة سياسية مرت بها مصر، فاستوقفني مدهوشةً ورحت أراجع أفكاري عن هذه الحِقبة، وأتساءل أين الحقيقة؟ ما مدى صحة ما يقول؟ وما مدى صحة ما أعتقده؟

يا للحيرة التي تنتاب راحة العقل!

لكن ماذا لو حل التعصب محل الحيرة؟ أفكان عقلي يُخلد إلى الراحة؟ هل كان عقلي سيرتاح؟

تركت الكتاب ورحت أفكر أيهما أكثر إراحة للإنسان أن يدافع عما يعتقده إذا ظهر ما ينقضه، أم يعيد التفكير ويُحقق ويدقق ليستقصي الحقيقة؟ أليس من الراحة

أن تختار مسكنًا فكريًا تقيم فيه راضيًا عن نفسك؟ أم أن الراحة في ألا يكون لك مسكن فكري وتصبح كالنحلة تبحث دومًا عن الرحيق؛ أقصد الحقيقة؟

وتجدر الإشارة إلى أنه كما ورد في المعجم الوسيط أن:

"شديد التَّعَصُّب لأفكاره: - شديد التَّعنت، لا يتنازَل عنها ولو مع ظهور بطلانها، وينظر إليها بإعجاب شديد."  كما ورد أيضًا: "تَعَصُّبُ الفقيه: - وضع العصابة على رأسه".

ويقول ابن منظور في لسان العرب: "والتعصب: من العَصَبِيَّة. والعَصَبِيَّة: أن يدعوَ الرجل إلى نصرة عصبته، والتألب معهم، على من يناويهم، ظالمين كانوا أو مظلومين. وقد تعصَّبوا عليهم إذا تجمَّعوا، فإذا تجمَّعوا على فريق آخر، قيل: تعصَّبوا. وفي الحديث الشريف: العصبيُّ من يعين قومه على الظلم. العصبي هو الذي يغضب لعصبته، ويحامي عنهم. والعصبة: الأقارب من جهة الأب، لأنهم يعصِّبونه، ويعتصب بهم أي يحيطون به، ويشتدُّ بهم. وفي الحديث الشريف: "ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية".

وقد ورد عن التعصب في الموسوعة البريطانية:

"الولاء: مصطلح عام يشير إلى إخلاص الشخص أو شعوره بالتعلق بشيء بعينه، ذلك الشيء الذي قد يكون شخصًا آخر أو مجموعة من الأشخاص، أو قدوة، أو وظيفة، أو قضية. والولاء يعبر عن نفسه في كل من الفكر والفعل ويسعى جاهدًا لتحقيق التماهي بين مصالح الشخص المخلص ومصالح من يُخلص له. ويتحول الولاء إلى تعصب عندما يصبح جامحًا غير مبرَّر ويتحول إلى رضوخ واستسلام عندما يتسم بالقبول المتبرم".

وأرى أن التعصب مرض أشبه بإدمان الكحول، لكن الكحول الذي يتجرعه المتعصب هو ثقته بأنه يعلم كل شيء، وأنه توصل إلى الحقيقة المطلقة، ومن ثم لا بد من فرضها على الجميع. ويظن المتعصب أنه يعيش حياته كما ينبغي، لأنه يعيش دومًا تحت تأثير هذا الكحول.

والمدمن أو المتعصب شخص فضّل الوهم على الحقيقة لكونها مُكلَّفة بالنسبة له، فلا يود أن يتحمل عناء البحث عن الحقيقة، ولا يود أن يشغل باله ويحتار باستخدام عقله الذي فُضل به على سائر المخلوقات بأن يكون له رأي لا بأن يسلِمَه إلى أحد. فاستخدام العقل هو عين الوقاية من التعصب.

والعقل هبة من الله لبني البشر، فبه ينعم الإنسان بسمو النفس والروح. وقيل: العاقل هو الذي يكبح نفسه ويردها عن هواها. والعقل يعني التثبت في الأمور. والعقل هو القلب. والقلب هو العقل. وسمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك. أي يحبسه. وهو التميُّز الذي يمتاز به الإنسان عن سائر الحيوان. كما قيل: "الرجل العاقل هو الجامع لأمره ورأيه".

تُرى يا قارئي العزيز ماذا تفعل لو كنت مكاني؟ هل لو قرأت أو سمعت ما ينقض رأيك أو معتقداتك تتعصب وتنكفئ على نفسك أم تسلك مسلك الحيران ليتسع أفقك؟

لمزيد من الاطلاع:

https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/