ما عواقب تراجع نخوة الرجال تجاه النساء؟
عواقب تراجع نخوة الرجال تجاه النساء
نعمة الفطرة: ما أدين به لأبي وأمي في مرحلة الطفولة
من أكثرِ ما أدينُ به لأبي وأمي، جزاهما الله عني خيرَ الجزاءِ، أنهما تركاني على الفطرةِ، فأذكرُ أنني كنت طفلةً هادئةً متأملةً أعيشُ في شرنقةٍ ألتمسُ فيها معنى للحياةِ، ولم يمنعني أحدٌ من العيشِ في هذه الشرنقةِ التي أسعدُ بالعيشِ فيها لأنني كنتُ فيها بعيدةً عن الأهواءِ قريبةً من الحقيقةِ أو الفطرةِ التي أرتاحُ إليها.
الحجاب: رحلة من الفطرة إلى العقيدة بدعم الأب ونظراته المشجعة
ومن بينِ ما نزعتُ إليه قُبيل بلوغي مبلغِ البناتِ أن أغطي شعري بدونِ توجيهٍ من أحدٍ، وكنتُ أنزعجُ جدًّا إذا رآني شخصٌ غريبٌ بدونِ حجابٍ على رأسي، وعلى الرغم من أن أبي لم يلفتْ انتباهي إلى تغطيةِ رأسي قبلَ البلوغِ فإن نظراته لي - رحمه الله – وهي تنطقُ بالفرحِ والسرورِ كانت تدعمني وتدخلُ البهجةَ إلى قلبي. وقد كان نزوعي هذا نزوعًا نفسيًّا محضًا بعيدًا عن أي تعقلٍ أو اعتقادٍ إلى أن بلغت وأصبحَ الحجابُ بالنسبةِ لي عقيدةً وعندها أدركتُ أن الاحتشامَ فطرةٌ قبلَ أن يكونَ تدينًا.
الحجاب: قناعة شخصية ومسؤولية فردية بعيدًا عن الجدل والاستقطاب
وعلى الرغم من أنني أؤمنُ أن الحجابَ فريضةٌ وأنه بندٌ من بنودِ طاعةِ الله عز وجل فإنني لا أدخلُ في جدالٍ حول مدى فرضيتِه على الإطلاقِ، ولا أقسرُ أحدًا على الاقتناعِ به، إيمانًا مني بأن الجدالَ يخلقُ نوعًا من التوترِ الذي يحولُ دونَ التفكيرِ بتروٍّ واستواءٍ فيؤدي إلى الاستقطابِ والشخصنةِ التي تضيِّع القيمةَ العاليةَ للحجاب، كما أنني لا أدخلُ في نقاشٍ حول هذه القضيةِ المثيرةِ للجدلِ إيمانًا مني بأن الإنسانَ حرٌ فيما يعتقدُ وأنه مسؤولٌ عنه، وسيدفعُ ثمنَ حريتِه كما يقول الله تعالى: "كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ"، "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا".
استعادة الحياء الفطري: دعوة للآباء لتعزيز الاحتشام وحماية الهوية الأنثوية
لكنَّ ما أثار حفيظتي واستفزني مؤخرًا هو انتشارُ كشفِ البطنِ في أزياءِ النساءِ على العمومِ بدءًا من ملابسِ الأطفالِ مرورًا بالملابسِ الرياضيةِ والملابسِ العاديةِ والرسميةِ ووصولًا إلى فساتينِ السواريه، فأراني مشمئزةً من شكلِ امرأةٍ عاملةٍ ترتدي بدلةً تحتها "توب" يكشفُ بطنها، ومراهقةٍ تبدو عليها علاماتُ السمنةِ تتدلى ثنايا بطنِها من فستانِها المكشوفِ ناهيك عن أزياءِ البناتِ الصغارِ الغريبةِ التي ترسخُ لديهن فكرةَ أن كشفَ البطنِ أمرٌ عاديٌ عندما يكبرن، أما عن فساتين السواريه مكشوفةِ البطنِ فحدث ولا حرج. وما يستفزني هو غيابُ حَميةِ الرجالِ على النساءِ في حين أن البنتَ أو المرأةَ تشعرُ بالأمانِ والاطمئنانِ مع من يخافُ ويغارُ عليها سواءٌ أكانَ أبًا أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا، فالاحتشامُ يمنعُ الإيذاءَ من الخارجِ، كما أنه يحمي المرأةَ من الإيذاءِ النفسي لها من خلال الانجرافِ نحو شهوةِ الاستعراضِ الجسدي حيث يتحولُ الجسدُ إلى وسيلةٍ للتباهي والتفاخرِ فيتلاشى حياءُها شيئًا فشيئا وتفقدُ إنسانيتَها وتصيرُ مثلَ السلعةِ المعروضةِ تتناهبُها الأنظارُ ويراها كلُ أحدٍ.
أهمية استعادة نخوة الرجال في حماية حياء النساء وهويتهن الفطرية
لذلك أناشدُ كلَّ أب أن يقتربَ من ابنته الصغيرةِ ويحنو عليها ويصير لها صديقًا فتشعرَ معه بالأمانِ وقد سمع لها وسمعت له عندما يستنكرُ المظاهرَ التي تخرجُ عن الحشمةِ والآدابِ العامةِ، وأقنعها بأننا نسايرُ الموضةَ فقط إذا توافقتْ مع شروطنا، فيرسِّخ الأبُ بذلك في صغيرتِه كراهيةَ كشفِ جسدِها فيفرحُ بحيائها عندما تكبرُ ويطمئنُ عليها، حتى لا يُفاجئ برفض قاطعٍ منها للاحتشامِ عند البلوغِ فيستسلمَ ويتنازلَ عن نخوتِه التي تميزُ رجولتَه، فأرجو من كل أبٍ ألا يقضي على حياء ابنتِه في الصغرِ باستساغةِ كشفِ بطنِها، فحياءُ البنتِ هو هويتها الفطريةُ التي جُبلت عليها لصالح المجتمع. وبالفطرةِ تنجذبُ البنتُ للتزينِ والعنايةِ بهيئتِها وعلى الأب أن يدعمَ ذلك فيها ويمدحَ ذوقَها المحتشمَ ويستنكرَ الخروجَ عنه فتلمسَ الصغيرةُ حمايتَه لها وتشعرَ بالأمانِ الذي يجعلُ منها شخصًا معتدلًا غيرَ متطرفٍ ولا مفرِّط.
غياب دور الأب في التربية: ضياع الهوية الأنثوية
وأرى أن تخلي الأبِ عن دورِه التربوي في تنشئةِ البنتِ -على وجه الخصوص- بأن يُغدق عليها بالحبِ والحنانِ مع التوجيه الرشيدِ أدى إلى ضياعِ المرأةِ وخروجِها على الفطرةِ حتى صارت بين بين لا هي امرأةٌ ولا رجل.
يمكنك قرأه المزيد او التواصل معانا من هنا