سبتمبر 5, 2023

|

بواسطة: asmaa

|

Tags: الحياة, الدين

|

Categories: قلم يفكر

قلة الخوف من الله مدعاة التخلف

أسماء راغب نوار | قلة الخوف من الله مدعاة التخلف

 

كلما تألمت سألت الله أن يرزقني الجنة حيث لا نصب فيها ولا وصب، وكلما تأرجحتْ حالي بين السراء والضراء رجوت من الله الجنة حيث النعيم المقيم، والجنة سلعة الله الغالية لا ينالها إلا من أعانه الله على التقوى؛ تلك التي عرَّفها الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بقوله إنها الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل.

لذا فإنه يتوجب على المسلم أن يجتهد ويمعن في الاجتهاد حتى يحظى بتلك السلعة الغالية، وعليه أن يستحضر مخافة الله بأن يستشعر عظمته ومهابة الوقوف بين يديه وأنه يعلم سره وجهره. فإذا أدرك المسلم ذلك اتبع منهج الله فلا تَهِي عزيمته ولا تفتر قواه، ولا تكسل جوارحه؛ لأن تفكيره يصبح منصبًّا على العمل والاجتهاد، ولا يستكثر أعمال الخير في جانب الله ولا يحتقر المعاصي فهو لا يأمن مكر الله، وكما قال عز وجل: "فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"--- سورة الأعراف:99، فيستعد بذلك ليوم الرحيل ثم الفوز بالجنة بإذنه تعالى والنجاة من النار.

وإنني أرى أن قلة الخوف من الله هي من أسباب تخلف العالم العربي والإسلامي وأنها سر التخلف حيثما وجد في العالم كله.

إذا تساءلت يا قارئي العزيز: ما العلاقة بين الخوف من الله والتخلف؟

سأجيبك بأن العلاقة وثيقة وأنه كلما زاد الخوف من الله علت الهمة وانجاب الكسل فتقدم المجتمع، والعكس صحيح؛ فكلما أمن الناس مكر الله تخلف المجتمع.

وكيف للمسلمين أن يأمنوا مكر الله؟

لقد أمن غالبية المسلمين – مع الأسف - مكر الله عندما أُشيع بينهم أنهم مهما فعلوا فسيدخلون الجنة، ومن ثم اتكلوا وأصبحوا يقترفون الموبقات دون أن يخالجهم الشعور بالذنب، فمن أمن العقاب أساء الأدب كما يُقال ومن ثم تخلف المجتمع؛ فما المجتمع إلا مجموعة من الأفراد يؤثر بعضهم في البعض ويتلقون مقاييسهم الأخلاقية من بعضهم.

أفترى يا قارئي العزيز أن الله تعالى يساوي في عدله بين من اتقاه ومن لم يتقِه؟ فيُدخل من يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله باللسان من غير عمل يصدقه الجنة؟!

فالمنافقون يقولون في ظاهرهم لا إله إلا الله، وتنطق ألسنتهم بما لا يتفق مع سرائرهم، وهم في الدرك الأسفل من النار ولن يجدوا لهم نصيرًا كما قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" --- سورة النساء: 145.

ولما أمن المسلمون مكر الله غلبت على معظمهم الاتكالية التي يسهل الارتياح إليها حيث يتصور كلٌّ أنه من أهل الجنة مهما أتى من موبقات، وهي الاتكالية التي أدت - مع الأسف -إلى تخلف الأمة.

كيف تصور غالبية المسلمين أن لهم استثناءات في الآخرة وأن المسلم لن يدخل النار ولن يخلد فيها وهو الله سبحانه وتعالى يقول: " وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ‏"--- سورة النساء: 14؟!

وأخيرًا أرى أننا ما دمنا قد اتخذنا الإسلام دينًا فيتوجب علينا أن نخاف الله وأن نتبع منهجه الباعث على التقدم والازدهار في الدنيا بما يتطلبه من همة وعمل ومسئولية تضمن لنا القوة على الأرض والبُعد عن الرذيلة والفلاح في الآخرة، أو كما يقول الشاعر العباسي إبراهيم بن عباس الصولي:
لا دار لِلمَرءِ بَعدَ المَوت يَسكُنُها

إِلّا الَّتي كانَ قَبل المَوتِ يَبنيها

فَإِن بَناها بِخَير فازَ ساكِنُها

وَإِن بَناها بشرّ خاب بانيها

لذا فإنني أرى أن قلة الخوف من الله هي إحدى الإجابات عن سؤال: لماذا نحن متخلفون؟!

قلة الخوف من الله مدعاة التخلف
لمزيد من الاطلاع:
https://asmaanawar.com/journey_to_my_website/
https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/