فكر الكهنوت

فكر الكهنوت يأخذ مجراه في التدين هذه الأيام إلى حد كبير في كل الأوساط على الرغم من أن الإسلام منه بريء، فعبادات الإسلام تقوم في أساسها على مراعاة الرقابة الإلهية، وابتغاء الآخرة، دون واسطة بين العبد وربه في العبادات.

ويعد أبرز مثال على ذلك عندما نرى هذه الأيام من المسلمين من يُسَلِّم عقله ل "شيخه" لدرجة تنسيه فردية العلاقة مع خالقه، بل ويوهمه ذلك الشيخ بأنه كلما اتبعه حاز رضا الله والأدهى في ذلك أن يكون ذلك المسلم على اقتناع بهذا الوهم!".

وعن معنى الكهنوت: الكهنوت هو وظيفة الكاهن، ورجال الكهنوت هم رجال الدين عند اليهود والنصارى، وقد وصلت درجة التقديس لهم أن اتخذهم الناس وسطاء بينهم وبين الله.

الأخوة

أفزعني وأنا راكبة الميكروباص ذات يوم صوت فراملَ عالٍ فإذا بدراجة بخارية تصطدمُ بسيارة تسير ببطء على يسار الميكروباص الذي استقله والذي كان منه أن توقف في الحال، وإذا براكب الدراجة البخارية يسقط مغشيًا عليه، وكعادتي في مثل هذه المواقف أغمضت عيني ووضعت رأسي بين يدي واستندت إلى الكرسي الذي أمامي، في محاولة مني للهروب مما يجري حولي فلا أسمع ما يخبر به الركاب من تفاصيل ِالحادثِ وتعليقاتهم عما يشاهدون، فليس لدي أدنى فضولٍ لسماعِ مثلِ تلكَ التفاصيلِ، وبدلًا من ذلك أناجي الله سرًا وأرجوه ألا يحملَنا ما لا طاقة لنا به، فأنا أضعف من احتمال رؤية دماء وجروح أو سماع صرخاتٍ أو آهاتٍ.

ولأنني لم أُحكمْ إغلاقَ أذنيَّ نما إلى سمعي قولُ رجلٍ: "الحمد لله بعيد عنا"، فتردُ امرأةٌ بحزم وزجرٍ: "صل على النبي يا عم كلنا واحد". فرفعت رأسي وأنزلتُ يديَّ من فوقِ أذنيَّ فأنستني مشاعر الأخوة الصادقة لدى السيدة ما يحدثُ فأهدأت من روعي وأيقظت الطمأنينة في نفسي، ونظرت إليها طويلًا بإعجاب وتأمل وهي تدعو "ربنا يجيب العواقب سليمة، استرها يا رب"، ولم يقطع تأملي سوى صياحِ الركاب بحمد لله لأن راكبَ الدراجةِ أفاقَ ونهض كما لو أن مشاعر الأخوة كانت له ترياقًا، بل سببًا في نجاته.

عقاب السارق

أصعب من واقع الخسارة المادية على الشخص المسروق هو هيمنة الإحساس بعدم الأمان عليه، فَلَو غاب عن عينيه أحد متعلقاته الشخصية أو تعثر لثوانٍ في الوصول إليه في حقيبته ظن أنه قد سُرق من جديد.
ما أصعب الترويع غير المباشر!
من المؤكد أن عقاب السارقين سيكون شديدًا إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة.

الابتذال

من أكثر الأشخاص نفورًا أصحاب الشخصية المبتذلة لأنها تتسم بالتكلف والتصنع اللذين يتعارضان مع الفطرة والسجية أو التلقائية، والابتذال هو التضحية بالوقار في سبيل جذب الأنظار، ومن أنماطه تهويل الأمور، والمبالغة في تناولها، والتحايل على ذرف الدموع لشحن الناس، فنجد موظفًا مثلًا يبتذل نفسه بدخوله المتكرر على رئيسه، ونجد أيضًا مذيعًا يبتذل نفسه بإصراره على أن يظهر أوفر علمًا من الضيف بالإضافة إلى إطالته السؤال بغير مُسوِّغ (أي مبرر).

والعبارة المبتذلة في اللغة هي المهترئة التي فقدت قدرتها على الإدهاش وربما أيضًا فقدت معناها.

ألا يجدر بالابتذال بعد ذلك كله أن تأباه الفطرة وتكرهه السجية؟!

اتق شر من أحسنت إليه

صحيح اتقِ شر من أحسنت إليه لكن إذا كان وضيعًا لئيمًا أما إذا كان أصيلًا فهو يُحسن إليك بشكره لك كلما رآك على معروفٍ أسديته له، وشتان بين الأصيل واللئيم، فاللئيم لديه موفور من الشعور بالنقص أما الأصيل فلديه اعتقاد راسخ بتكامل الناس.

بائع الذرةِ المشويةِ

عندما سألتُ بائعَ الذرةِ المشويةِ عمَّا إذا كانتْ ذُرَتُهُ حلوةً أمْ لا.. ردَّ عليَّ متأسِفًا: لا!

إنَّهَا الأمانةُ فِي أبْهَى صُورِها!

وعندما كررت سؤالي على البائعِ نفسِه هذِهِ المرةَ.. ردَّ عليَّ فرحًا: أنْ نعم!
ولمَّا أخبرتُهُ بأنَّنِي مُعجَبةٌ بأمانَتِهِ قالَ: "أومال أكدب علشان كوز درة؟!"

إنَّها الأخلاقُ فِي أبهَى صورِهَا!

لمزيد من الاطلاع:

https://asmaanawar.com/asmaa_blocks/