يناير 30, 2023

|

بواسطة: asmaa

|

Categories: قلم يفكر

أن يحبك الناس جائزتك عن تهذيب النفس

أسماء راغب نوار | أن يحبك الناس جائزتك عن تهذيب النفس

ما علاقة تهذيب النفس بأن تكون محبوبًا؟ إنني أرى أن تهذيب الإنسان نفسه مفتاح لتقبله بين الناس، بل لمحبته.

فما معنى تهذيب النفس؟

التهذيب كما ورد في لسان العرب كالتنقية، وهَذَّب الشيء: نَقَّاه وأَخْلصه، وقِيل أَصْلَحه. إذن فتهذيب النفس يعني تنقيتها وإصلاحها مما يستتبع أن تبذل النفس الجهد للتهذيب والتنقية، وما قد ينتابها من اعوجاج يستلزم التقويم، والتنقية والتقويم هما جهاد النفس الأكبرُ في مهابِّ إلحاحها على صاحبها بالخروج عن استقامتها، ويا ليت كان في استطاعة الإنسانِ أن يجد الراحة في الجنوح، لكنه يستشعر الصغار في نفسه لإحساسه بهوان الاستجابة لهواها، فينتهي إلى أن القوة والعزة في الاستقامة.

فيظل الجهاد الأكبر أبرز مظاهر القوة لدى من عزم عليه وطلب العون من خالقها الأعظم أن ينصره عليها بأن يكون قائدًا لها، لا أن تقوده هي فيهوي.

ومن مظاهر تهذيب النفس أن يعرف الإنسان حده فيقف عنده ولا يتجاوزه، أو يتدخل فيما لا يعنيه، وهذه الصفة هي التي اُختزلت في الحديث النبوي الشريف: "من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فلا يكون متطفلًا أو متسلطًا فحينئذ يجد الترحيب من الناس؛ لتحلِّيه بهذه الصفة.

وإذا استغنى الإنسان عن مساعدة الناس، إلا في حال اضطراره، صاروا من محبيه، والجدير بالذكر أنه يمكنهم التمييز بين سؤال المضطر المأزوم وسؤال الطامع المستغل. وفضلًا عن ذلك إذا اتسم الشخص بالتعاون والمشاركة وتجنب الاتكالية صار خفيف الظل عليهم.

 وإذا حفظ الإنسان لسانه من الغيبة والنميمة والسخرية من الناس ولم ينطق إلا بما هو حسن -وهي صفة إيمانية - أحبوا مجالسته وأنِسوا إليه ووافقوا قولِ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت".

وإذا كان الإنسان ناقدًا نفر منه الناس أما إذا كان ناصحًا أقبلوا عليه لكونهم لمسوا فيه الحرص على مصلحتهم. وأبسط الناس يستطيع التمييز بين النقد والنصح.

وإذا أحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه وثق فيه الناس وشعروا معه بالأمان؛ لذلك جعل رسول الله صلى عليه وسلم هذه الصفة شرطًا للإيمان حين قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

وإذا كان الإنسان لا يخشى في الحق لومة لائم، حتى لو تعارض مع مصلحته الخاصة أو مصلحة من يهمه أمره أمَّنه الناس على أرواحهم.

وإذا نافس الإنسان نفسه لا غيرها هنيء بسلامتها من الحقد والغل وفرح لفرح الناس بصدق يلمس قلوبهم.

وإذا اعتمد الإنسان له منهجًا عرفه الناس من خلاله بعيدًا عن التقلبات المزاجية أو شطط الهوى صار هينًا لينًا يسهل التعامل معه فاطمئنوا له.

وإذا آمن الإنسان أن الناس سواسيه كأسنان المشط، لا فرق بينهم إلا بالخُلُق، ولم ينظر إليهم نظرة فوقية تمنوا لو يقتربون منه لينعموا بإنصافه.

وإذا صدَّقت أفعال الإنسان أقواله، وتحرى الصدق مع الناس، ورعى مشاعرهم وتعاطف معهم، وتحلى بالأمانة أحبوه وطلبوا وُده.

وأخيرًا، بقدر ما يصدق الإنسان في تنقية نفسه وإصلاحها، وهو جهاد يلازمه إلى أن يموت، يُكتب عند الله صديقًا، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".

وبعد ذلك كله، ألا يستحق من هذّب نفسه أن يكون محبوبًا؟!

لمزيد من الاطلاع:

https://asmaanawar.com/to-first-love-yourself/