about
وأذكرُ مثالًا على انسحابِ مبدأِ المكعَّباتِ علَى دراستِي أننِي درستُ وأنَا في التاسعةِ منْ عُمري درسًا في القراءةِ بعنوانِ "إنَّ اللهَ يرانا" كان يتحدثُ عنْ أنَّ بائعةً لِلَّبنِ في عهدِ عمرَ بنِ الخطابِ كانتْ تخلطُ اللبنَ بالماءِ بعيدًا عنْ عينِي عُمرَ. فأنكرتْ ابنتُها عليهَا ذلكَ قائلةً: " يا أُمَّاه: كيفَ لوْ رآنَا عُمرُ؟! فأجابتْها: وأين عُمرُ الآنَ؟ فقالتْ: إذا كانَ عمرُ لَا يرانا فإنَّ اللهَ يَرَانا". لقدِ استوقفَتْنِي هذِهِ العبارةُ لسنواتٍ. وصارَ عقلِي أسيرًا لمفهومِ خشيةِ اللهِ. فصرتُ أُراقبُ نموَّ البَذرةِ التي وضعَهَا درسُ القراءةِ في نفسِي حتَّى أَضحَى مبدأُ "إنَّ اللهَ يرانا" يكبَرُ ويترعرعُ فيَّ إلى أنْ أصبحَ شجرةً كبيرةً وارفةً أستظلُّ بهَا. فأمارسُ تحتَها شتَّى شئونِ حياتِي منْ تفكيرٍ وتصرفاتٍ ومعاملاتٍ. وحتَّى في المِحنِ على مَدَى حياتِي كانَ للمكعباتِ دورٌ. فأنَا منَ المؤمنينَ بأنَّ الإنسانَ لمْ يُترَكْ سُدًى. لكنْ لهُ ربٌّ يرعاهُ ويُرشِدُه إذا طلبَ منهُ العونَ ولمْ يتعلَّقْ إلَّا بِهِ.