إسلام بلا مذاهب - زواج المتعة في المذهب الشيعي
ماذا عن زواج المتعة عند الشيعة؟
وثمة خلاف واضح بين الشيعة (ونعني الشيعة الإمامية) والسُّنة، وهو زواج المتعة أو «عقد الانقطاع». والزواج بهذا الشكل زواج مؤقت، والعقد فيه موقوت بأجل محدود. ولقد كان هذا الزواج معمولًا به في أيام النبي في بعض الروايات، قيل: فلما جاء عمر بن الخطاب أوقفه وحرمه، لأنه رأى فيه رأيًا غير كريم، والقول الراجح أنه حرم في زمن النبي، وأن النبي ﷺ قد نسخه.
والإمامية - من بين سائر فرق الإسلام - قد انفردت بالقول بجواز مشروعية هذا الزواج، معتمدين على تأويل للآية الكريمة: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَتَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ). ويقولون: إن جماعة من عظماء الصحابة والتابعين مثل عبد الله ابن عباس، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وعمران بن الحصين كانوا يفتون بإباحة هذا النوع من الزواج.
وقد بقيت مشكلة زواج المتعة مثارًا للخلاف حتى يومنا هذا، لا بين الشيعة والسنة وحدهم، بل بين بعض علماء السنة أنفسهم، فمنهم من يقول: إن ما شرعه الرسول لا يستطيع أن يبطله عمر، وخاصة أنه كان معمولًا به في أيام الرسول وأبي بكر، وفترة من خلافه عمر، والصواب هو أن عمر لم يحرمها افتياتًا على رسول الله، ولكن لما علمه من نسخها.
الشيء المهم أن الشيعة الإمامية متمسكون بزواج المتعة حتى اليوم، ويقولون إنه قد ثبت بإجماع المسلمين أنه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي بغير شبهة، وهم يرون أنه ضروري للمسافر الذى يطول سفره، ففيه عصمة له، ولو أن المسلمين عملوا به على أصوله الصحيحة من العقد والعدة وحفظ النسل منها لانسدت بيوت الدعارة، وأغلقت المواخير أبوابها، ولكثرت المواليد الطاهرة، واستراح الناس من اللقطاء، وقد وضعوا للمتعة نظامًا يحفظ للولد حقه، وينسبه إلى والده، إذ لابد للمرأة بعد زواج المتعة من عدة، غير أن عدتها حيضتان، فلا يجوز لأحد أن يتمتع بامرأة تمتع بها غيره حتى تخرج من عدة ذلك الغير إلى غير ذلك من الشروط الأخرى في فقه الشيعة.
ماذا عن الطلاق عند الشيعة؟
الطلاق:
وما دمنا قد تحدثنا عن الزواج من وجهة نظر الإمامية، أو بعبارة أصح ما دمنا قد تحدثنا عن الزواج المؤقت، فلا بأس من أن نعرض لنظام الطلاق عندهم، فقد جعلوا للطلاق قيودًا كثيرة، أهمها أن الطلاق لا يتم إلا في حضور شاهدين عدلين، وبغير شاهدين يكون الطلاق باطلًا، وهم في ذلك يرون أن الطلاق المقيد بهذا الشكل فيه صون للأسرة، ولعل الشهود العدول يحولون بين الزوجين والطلاق فيصلحون بينهما.
وترى الإمامية أن الطلاق ثلاثًا مرة واحدة يعتبر طلقة واحدة، ولا تحرم الزوجة على زوجها، بل يجوز له مراجعتها، وقيل، بل الطلاق ثلاثًا بلفظة واحدة لا يقع لأنه غير مشروع، أما إذا طلق ثم راجع ثلاث مرات فإن الزوجة تحرم في هذه الحالة ولا تحل حتى تنكح زوجا غيره، وقد أخذ علماء الشريعة عند السنة بهذه النظرة أخيرًا، وجعلوا الطلقات الثلاث في عبارة بمثابة طلقة واحدة.
ماذا عن التقية عند الشيعة؟
التقية:
التقية معناها المداراة، وأكثر فرق الشيعة تقول بها، كأن يحافظ الشخص على ماله وعرضه ودينه وعقيدته بالتظاهر باعتناق عقيدة لا يؤمن بها ولا يعترف بينه وبين نفسه بصحتها.
وإذن فالتقية أمر معترف به عند الشيعة، بل إن بعض فقهاء السنة يقولون بها في حالات الضرورة القصوى.
وقد كانت التقية سببًا في خروج كثير من الناس على أئمتهم من الشيعة، لأن الإمام كان يبدى رأيًا في مسألة بعينها ثم لا يلبث أن يبدى رأيًا يناقضه، فإن سئل في ذلك نسب الأمر إلى "التقية".
يحكى النوبختي في كتابة "فرق الشيعة" قصة رجل اسمه عمر بن رياح زعم أنه سأل محمدًا الباقر عن مسألة بعينها فأجابه بجواب عنها، وفي عام آخر سأله عن نفس المسألة فأجابه إجابة مغايرة لإجابته الأولى، فقال عمر لمحمد: هذا خلاف ما أجبتني به في العام الماضي، فقال محمد: إن جوابنا ربما خرج على وجه التقية، فلم يقتنع الرجل بهذه الإجابة، وقابل رجلًا من أصحاب الباقر اسمه محمد بن قيس وقص عليه الأمر، وأبان عن عدم اقتناعه بإجابة الإمام قائلًا: علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقبوله والعمل به، فلا وجه لاتقائه إياي وهذه حالي، فقال ابن قيس: فلعله حضر من اتقاه، فقال: ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري، وإن جوابيه خرجا على وجه التبخيت، ولم يحفظ ما أجاب به في العام الماضي فيجيب بمثله، وكانت النتيجة أن عدل الرجل عن الاعتراف بإمامة الباقر وقال: لا يكون إمامًا من يفتى ثقته بغير ما يجب عن الله.
وهناك أمثلة كثيرة من هذا النوع تحمل في معناها عدم الرضا والاقتناع بفكرة التقية، خصوصًا أن الإمام لم يكن يناقض نفسه في مسألة بعينها، بل في مسائل كثيرة، لأن الأسئلة لم تكن في يوم واحد، بل لم تكن قريبة العهد بعضها ببعض، وإنما كان السؤال يطرح في يوم بعينه فيجيب عنه الإمام إجابة بعينها، ثم يطرح بعد ذلك بسنوات ويكون الإمام قد نسى إجابته الأولى التي سجلها البعض عليه، فيجيب إجابة مغايرة مختلفة ، فيسأل الناس عن سبب الاختلاف فيجيب الإمام قائلا : إنما أجبنا بهذا للتقية، ولنا أن نجيب بما أحببنا وكيف شئنا، لأن ذلك إلينا، ونحن نعلم بما يصلحكم وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم.
ويؤكد آية الله الخميني كبير علماء الشيعة وإمامهم في هذا العصر أن التقية جزء من العقيدة غير منفصل عنها فيقول: إن كل من له أقل قدر من التعقل يدرك أن حكم التقية من أحكام الإله المؤكدة، فقد جاء أن من لا تقية له لا دين له.
وليس من شك في أن التقية وهذه حالها قد شككت الكثير من المؤمنين بالتشيع في أئمتهم، وكان ينتهي الأمر باستنكارها والخروج على الإمام والشك فيه وفي دعوته.
وقد كانت التقية أحد الموضوعات التي أهمت العلامة الشيعي المعتدل الدكتور موسى الموسوي فى كتابه التصحيح، فأفرد لها فصلا طويلًا أوضح فيه إنكاره لها، وأنها لا تليق بالمسلم إلا في حالة واحدة لخصها الإمام الجليل محمد الباقر في كلمتين حين قال:
إنما حلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية.
ما رأي الدكتور موسى الموسوي في التقية عند الشيعة؟
يقول الدكتور الموسوي: لقد أراد بعض علمائنا رحمهم الله أن يدافعوا عن التقية التي يتحدث عنها علماء الشيعة، وأملتها بعض زعاماتها، وهي ليست بهذا المعنى إطلاقًا، إنها تعني أن تقول شيئًا وتضمر آخر، وتقوم بعمل عبادي أمام سائر الفرق الإسلامية وأنت لا تعتقد به، ثم تؤديه في بيتك بالصورة التي تعتقد بها. ولقد نفى الدكتور الموسوي أن يكون أي من الأئمة قد عمل بها، ابتداء من الإمام عليّ وانتهاء بالحسن العسكري. ويقف وقفة متأنية عند الإمام الجليل جعفر الصادق لينفي عنه هذه الظاهرة، لأن أكثر فتاوى التقية نسبت إليه، كما نسب إليه قوله بوجوبها، فالإمام جعفر لم يقل بها، ولم يكن في حاجة إليها، لأنه كان يدرس في مسجد الرسول ﷺ وحوله آلاف من الطلاب والمستمعين، فكيف يمكن لمدرسة فقهية بهذه السعة من كثرة الطلاب والتلاميذ أن تبنى على التقية؟ وأية تقية استعملها الإمام في بناء مدرسته الفقهية التي كان يضع أساسها أمام المسلمين بصورة علنية؟
ويقول الدكتور الموسوي: إنه فى الوقت الذي أصبحت فيه الحرية الفكرية والكلامية بخيرها وشرها حقًّا مقدسًا، يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته مغلقًا على نفسه بالتقية، يُظهر شيئًا ويُبطن شيئًا آخر، فلا أعتقد - والكلام للدكتور الموسوى - أنه يوجد زعيم شيعي واحد في شرق الأرض وغربها يستطيع أن يعلن رأيه في كثير من البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي خوفًا ورهبة من الجماهير الشيعية التي دربتها تلك الزعامات على العمل بتلك البدع فأصبحت جزءًا من كيانها. ويضرب الدكتور الموسوي مثلًا بالشهادة الثالثة، وهي: (أشهد أن عليًّا ولي الله) التي يتفق عليها علماء المذهب الشيعى بأنها بدعة لم تكن معروفة على عهد الرسول ﷺ وحتى عهد الإمام علي، ومع ذلك فلا يجرؤ واحد منهم على أن يقرر أنها بدعة.
ويسوق الدكتور الموسوي أمثلة أخرى على التقية مستهدفًا استنكارها، ثم يختم الفصل الذي كتبه عنها قائلًا: إن على الشيعة أن تجعل نصب أعينها تلك القاعدة الأخلاقية التي فرضها الإسلام على المسلمين، وهي أن المسلم لا يخادع ولا يداهن ولا يعمل إلا بالحق، ولا يقول إلا الحق ولو كان على نفسه، وليعلموا أيضًا أن ما نسبوه إلى الإمام الصادق من أنه قال: (التقية ديني ودين آبائي) إن هو إلا كذب وزور وبهتان. نعود فنقرر أن أركان الإسلام خمسة جاءت على ترتيبها طبقا للحديث الصحيح، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
وهي - أي أركان الإسلام - عند الشيعة تقدم في صيغة أخرى، وهي التوحيد والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد. وإذا كانت أركان أربعة قد أغفلت في هذه الصيغة وهي الصلاة والزكاة وصوم رمضان والحج، فإن ذلك لا يعنى إنكارها، ولكن الشيء الذي يدعو إلى الانتباه هو أنهم جعلوا الإمامة ركنًا من أركان الإسلام، ولهم في ذلك كلام كثير سوف نعرض له بعد قليل، كما أن لبعضهم - أي بعض الشيعة - رأيًا مغايرًا سوف نقدمه أيضًا فيما يستقبل من صفحات.
للاطلاع على المزيد:
https://asmaanawar.psee.io/6lz8pb
https://asmaanawar.psee.io/6lz8ne
https://asmaanawar.psee.io/6lz8nq
https://asmaanawar.psee.io/6m9m7j
https://asmaanawar.psee.io/6mfhrn
https://asmaanawar.psee.io/6mvphh
https://asmaanawar.psee.io/6s692w
https://asmaanawar.psee.io/6s6a4x
https://asmaanawar.psee.io/6sk4lf
للاطلاع على الكتاب بأكمله:
https://asmaanawar.psee.io/6mfkam